مساحة إعلانية
قنا.. تلك المحافظة التي يحلو لهم أن يتاجروا بها إعلاميًا بصفتها كنزًا ثقافيًا أنجب أمل دنقل، والأبنودي، وعبد الرحيم منصور.. قليلاً ما تشهد حدثًا ثقافيًا كبيرًا، وقليلاً جدًا ما يزورها نقادٌ أو مثقفون أو فنانون كبار أو رموز.. اللهمّ إلا هؤلاء النفر الذين يرضون على أنفسِهم أن يكونوا حِلية على ياقة وزير أو محافظ فيقبلون دعوته لافتتاح مكان أو إقامة حفلة بمناسبةٍ ما كل عشر سنوات مرة!
لكن أن يزور قنا فنان أو مبدع أو مثقف كبير للقاء الناس والتحاور معهم.. هذا لا يحدث أبدًا... ويكفي أن نعلم جميعًا أن حدثًا كمؤتمر أدباء مصر الذي جابَ معظم محافظات مصر لم يتم انعقاده في قنا ولا مرة! فكيف بما نتحدث عنه؟!
في ديسمبر 2017 أشرقت الدكتوره هبة دربالة في مدينة قنا، وكان إشراقها حدثًا كبيرًا وفارقًا؛ لأنها جاءت للناس تتناقش وتتحاور معهم. نعم جاءت مدعوةً للنقاش والتحاور بعيدًا عن المؤسسة، في ندوتين ثقافتين، ندوة لمناقشة مفهوم العلمانية وهموم المجتمع المدني، وندوة حوارية مفتوحة حول بعض أطروحاتها ومشروعاتها وأفكارها، وقد أقيمت الندوتان في مركز تنويرة الثقافي بمدينة قنا.
كان قد سبق الندوتين كلامٌ كثير عن الدكتوره ووعيها وثقافتها، وهو ما جعل حضورها وقتها حدثًا كبيرًا، وانتظرها كثيرون.. وحضرَ ندوتها عدد كبير من الأدباء والمثقفين والمبدعين من مختلف مدن المحافظة، لا سيما فتيات وسيدات رأين في الدكتوره قدوة ومثالاً، وهو ما أثرى الندوةَ والحوار، لكن المكسب الأكثر أهمية كان في ارتباط الكثيرات بمحبة الدكتوره، وهو ما أسفر عن تواصلٍ على المستوى الشخصي والثقافي والاجتماعي بين الدكتوره وبعض هؤلاء اللائي وجدن فيها نموذجًا إنسانيًا... وهو ما حدّثتني عنه الدكتوره فيما بعد دون أن تخوض في تفاصيل.
وظلّت زيارتها تلك، حتى يومنا هذا، محفورة في ذاكرة الكثيرين والكثيرات، حتى أننا أحيانًا كنا يمزح بعضنا مع بعض ونحن نؤرّخ أو نوثّق لبعض الأحداث، فنقول حدث هذا قبل زيارة الدكتوره هبة، أو حدث بعد زيارتها.
قامت الدكتوره هبة دربالة بزيارة معبد دندرة، وزيارة ميدان السيد عبد الرحيم القناوي، ومنطقة سوق ليبيا في مدينة قنا، ومشت في شوارعَ وحارات، والتقطت بعض الصور التذكارية التي ما تزال على صفحتها، وعلى صفحاتنا تذكّرنا أن شيئًا جميلًا ومؤثرًا هزّ قلوبنا وعقولنا يومًا ما.