مساحة إعلانية
من قلب العاصمة الإدارية الجديدة وفي احتفالية تحمل اسما يليق بمصر وتاريخها — مصر وطن السلام — ارتسمت أمام العالم ملامح جديدة لبلد اختار أن يبني لا أن يهدم وأن يصنع المستقبل بالحكمة لا بالصدام. كان الرئيس عبد الفتاح السيسي كعادته، صريحا وعميقا في حديثه ، لكنه هذه المرة كان أكثر إنسانية وإشراقا وكأنه لا يخاطب المصريين وحدهم بل يخاطب ضمير العالم.
في زمن تزدحم فيه الأصوات وتضطرب فيه الموازين بدا صوت مصر مختلفا. لا يحمل ضجيجا ولا وعيدا بل يحمل إيمانا بأن القوة الحقيقية لا تُقاس بعدد الجيوش وإنما بقدرة الدولة على حفظ كرامة الإنسان وإرساء السلام داخل حدودها وخارجها. كان الرئيس يتحدث بلغة الوعي وكأن الرسالة الكبرى: لا حرب بعد اليوم بل وعي وسلام.
ذلك الوعي الذي تبنيه مصر اليوم ليس وعيًا نظريا أو شعاراتيا بل هو مشروع دولة تمتد جذوره في التعليم والثقافة، والإعلام، والمؤسسات، ليصنع مواطنا قادرا على التمييز بين الزيف والحقيقة ، وبين من يريد الوطن ومن يتاجر به. فالجمهورية الجديدة لا تقوم على المعجزات ، بل على وعي الجمعي وقدرته على الدفاع عن ثوابته بالعلم والعقل لا بالصوت العالي ولا بالسلاح.
لقد كان لافتا في كلمة الرئيس تلك المزاوجة بين الحزم والرحمة. حزم الدولة في حماية أمنها ورحمتها في التعامل مع قضايا الإنسانية. كانت رسائل القاهرة للعالم واضحة: السلام ليس ضعفا والرحمة ليست تهاونا ، والتسامح لا يعني التنازل. مصر التي خاضت الحروب من أجل البقاء هي نفسها التي تقدم اليوم نموذجا فريدا للسلام القائم على القوة الواعية لا على الاستسلام أو الخضوع.
الجمهورية الآمنة التي تحدث عنها الرئيس ليست مجرد حلم سياسي بل مشروع حياة. أمن يمتد من استقرار الشارع إلى طمأنينة القلب ومن قوة الجيش إلى وعي المواطن. أمن يزرع الثقة في الغد ويدفن في الماضي كل أشباح الفوضى.
في احتفالية مصر وطن السلام لم يكن المشهد احتفالا رسميا ، بل لحظة صدق إنساني بين الدولة وشعبها ، بين القيادة والأمة بين الماضي الذي قاوم والحاضر الذي يبني. كانت مصر كلها تقف في مشهد يليق بتاريخها تلوّح للعالم برسالة تقول: هنا وطن اختار أن يكون صوتا للعقل في زمن الصخب وصورة للرحمة في عالم أنهكته الكراهية.
في خطاب السيسي كانت مصر تتكلم بلسانها التاريخي لسان الحضارة لا الصراع. كانت ترسم للعالم خريطة جديدة: حدودها الوعي وجيشها الضمير وسلاحها السلام.
وهكذا من أرض العاصمة الإدارية ومن قلب الجمهورية الجديدة ارتفعت الرسالة الأبلغ:
أن الأمن لا يُصنع بالقوة وحدها ، بل بالعدل والوعي والرحمة.
وأن مصر — التي اختارت طريق البناء والسلام — لا تعيش زمن الحرب ، بل زمن الحكمة الممتدة في أركانها والوعي الذي يحرسها من الداخل.
لقد قالها الرئيس بوضوح:
لن نسمح لأحد أن يعبث بوعي المصريين بعد اليوم
ولن نمنح للخراب فرصة للعودة من بوابات الجهل.
إنها جمهورية آمنة بحق لأن قائدها يؤمن أن القوة ليست في السلاح
بل في الإنسان الذي يعرف لماذا يعيش ولأجل من يبني وكيف يحمي وطنه بالعقل قبل البندقية.