مساحة إعلانية
الحمد لله علي نعمة مصر ونسأل الله أن يجعلها دائماً بلداً آمناً مستقراً موحداً إلي الأبد. ونحن في هذا الوطن الذي نحمد الله علي استقراره نتأمل بعين الألم والقلق ما يحدث في سوريا حيث تتجسد واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية والسياسية في العصر الحديث
الشعب السوري هذا الشعب الأبي الذي عُرف بكرامته وعزته يعاني اليوم ألماً لا يُطاق. منذ أكثر من عقد وهو يرزح تحت وطأة الحروب والصراعات يتنقل بين أهوال القصف والتشريد والجوع وكأنه أصبح رهينة لصراع لا نهاية له. المأساة ليست في المعاناة فقط بل في أن سوريا أصبحت ساحة مفتوحة لكل الأطراف الدولية تتحكم فيها مصالح القوي العظمي والطامعين غير آبهين بما يحدث لهذا الشعب الذي يدفع الثمن وحده
لم تعد الأزمة السورية مجرد قضية داخلية أو حتي إقليمية بل تحولت إلي صراع دولي بامتياز. الأطراف الخارجية باتت اللاعب الرئيسي تمول وتسلح وتدير الصراعات من خلف الكواليس. المجتمع الدولي بدل أن يتحرك لوقف النزيف يُمارس لعبة المصالح والنفوذ. القوي الكبري تتصارع علي الأرض السورية وكأنها ساحة رياضية لاستعراض العضلات بينما الشعب السوري يُدفع إلي حافة الهاوية
كل طرف يدّعي أنه يسعي للحل لكن الحقيقة المرة أن الأفعال تكذّب الأقوال. التدخلات الدولية حولّت سوريا إلي رقعة شطرنج كل قطعة فيها تُمثل مصلحة جهة ما وكل حركة تهدف إلي تعزيز نفوذ أو فرض هيمنة. والنتيجة؟ بلد ممزق واقتصاد منهار ومستقبل مجهول
الأزمة في سوريا ليست فقط أزمة تدخّل خارجي بل هي أيضاً نتيجة فراغ سياسي وأمني داخلي سمح لكل هذه القوي بالعبث.
وسط هذا المشهد الكارثي يبقي الشعب السوري هو الطرف الأكثر تضرراً والأقل قدرة علي التأثير. ملايين اللاجئين مشردون في كل بقاع الأرض يعيشون في مخيمات تفتقر إلي أبسط مقومات الحياة بينما الذين بقوا داخل البلاد يعانون من الجوع والقهر وانعدام الأمان
الطفولة في سوريا باتت حلماً مكسوراً أجيال كاملة حُرمت من التعليم وشباب فقدوا أحلامهم ومستقبلهم وكبار يعيشون علي ذكريات وطن كان يوماً عامراً بالحياة
السؤال الذي يطرحه كل من يتأمل المشهد السوري: أين الخلاص؟ الحقيقة أن الحلول ليست بيد الأطراف التي تتصارع علي سوريا بل بيد المجتمع الدولي ككل.