مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

الرأي الحر

يوميات مواطن فى الطابور ... بقلم ياسر نبيل

2025-10-24 15:58:06 - 
يوميات مواطن فى الطابور ...  بقلم ياسر نبيل
ياسر نبيل

لحظات قليلة وتشرق شمس جديدة ليوم مملوء بالتفاؤل والآمل فى أن يمضى اليوم ويمنحنا الله ما نتمناه ونرجوه، فى هذة الآثناء توجه الاستاذ سيد الموظف البسيط، الى إحدى المصالح الحكومية لإنهاء إجراءات نقلة. ينتظر بصبر دوره الذى قد يستغرق دقائق قليلة، لكنه يعلم من واقع خبرته القديمة أن الطابور قد يمتد لساعات وساعات. 

يرفع رأسه بين الحين والآخر ليرى اقتراب دوره، وينظر حوله فيجد الوجوه تحمل صبر السنين ومستسلمة للروتين المعتاد.
في الطابور، تختلط أنفاس وأصوات الناس؛ منهم من يروي طرفة خفيفة لتلطيف الأجواء، ومنهم من يتذمر من طول الانتظار والعبث بالتوقيت، وآخرون يسردون قصصهم مع الطوابير وكأنها نزهة فرضها عليهم الزمن.

 يلاحظ الآستاذ سيد وجود عدد كبير من كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، فيشعر بمسؤولية إنسانية وتتولد لدية الحاجة و تدفعه لمحاولة مساعدة و تسهيل الأمور لهم أو حتى يرسل لهم مجرد إبتسامة تخفف من ألامهم وتمنحهم شعور بالراحة والآطمئنان.

يمضي الوقت ببطء، ويتعلم كل مواطن معنى الصبر والاحترام، ويكتشف أن الطابور مساحة صغيرة تعكس حال المجتمع وثقافته؛ هناك من يحاول تجاوز النظام، وآخرون يجسدون معنى الإلتزام، لكن الجميع يدرك في النهاية أن حل أزمات الطوابير يبدأ بالالتزام بالقواعد و الإنضباط وتوجيه سلوك الآفراد واحترام حق الجميع وهذا هو العنصر الإيجابى 
أما العنصر السلبي فأن لطوابير الانتظار تأثير نفسي واجتماعي كبير؛ فهي تضيف أعباء وتوترات على الحياة اليومية للمواطن كما تدل فى بعض الأحيان على ضعف كفاءة النظام الذى يقدم الخدمات وفي المقابل، يشاهد المواطن المصري كيف تعتمد الدول المتقدمة على أنظمة التكنولوجيا لتسهيل إنهاء المعاملات بضغطة زر عبر الإنترنت أو تطبيقات الهاتف، ينتهي كل شيء بلا طابور أو انتظار مرهق.

يدرك الأستاذ سيد حين يغادر في نهاية اليوم بعد ساعات الانتظار أن الفرق الحقيقي والإنتقال لمستوى متحضر يكمن في الاستثمار في التطوير التقني وخدمات الطوابير الذكية، وأن سبيل الراحة يبدأ حين ننقل الطابور من أرض الواقع وقاعات الإنتظار ودرجات السلم إلى منصات التكنولوجيا والإنترنت، كما هو متبع في المجتمعات الحضارية.

هكذا تمضي يوميات المواطن المصري في الطابور؛ خليط بين التحدي والأمل، والقدرة على التحمل والصبر وأمنيات وأحلام نحو غد أفضل للجميع، و في انتظار اليوم الذي تصبح فيه كل الخدمات متاحة إلكترونياً، فينعم المواطن بالوقت والكرامة.

لذا فى النهاية وإيمانا منا بضرورة المشاركة فى وضع مجموعة من الحلول المتكاملة والجذرية لحل هذه الظاهرة التي أصبحت مشهدا مألوفا للمواطنين نضع بعض المبادرات التى تضمن تقديم الخدمات بكفاءة بعضها يشمل الجانب التقني  وتحسين  الطوابير في مصر يتطلب مجموعة من الحلول المتكاملة تشمل الجانب التقني والجانب الإداري والتنظيمي:

أولا: تطوير أنظمة الطوابير الذكية التي تتيح تجربة متكاملة بدءا من حجز الميعاد المطلوب وإنتهاء بالحصول على الخدمة حيث يتم تفعيلها وإداراتها عن طريق الإنترنت أو تطبيقات الهاتف و إرسال إشعارات للمواطنين.
ثانيا: تعزيز وتدريب الكفاءات الإدارية على إدارة الوقت ومهارات التواصل مع المواطنين والتدريب على إستخدام وسائل التكنولوجيا المختلفة.
ثالثا: تطبيق أنظمة حوكمة تراقب أداء المؤسسات التى تقدم خدمات مدعمة للمواطنين طبقا لشروط معينة لضمان تحقيق الشفافية.
رابعا: زيادة أعداد و إنشاء أفرع جديدة للمصالح الحكومية فى جميع محافظات ومدن الجمهورية لتحقيق العدالة فى توزيع الخدمات وتقليل المسافات الطويلة التي قد يقطعها المواطن وتوفير فرص عمل جديدة فى هذة الفروع.
خامسا: وجود أنظمة خاصة لإنهاء الخدمات للمرضي وأصحاب الهمم بسهولة ويسر.
سادسا: تفعيل نظام التذاكر الرقمية عبر الإنترنت وتطبيقات الهاتف.
سابعا: توفير ونشر قائمة واضحة ومحدثة بجميع الآوراق المطلوبة لكل خدمة فى الصفحة الرسمية
ثامنا: إستخدام الذكاء الإصطناعي وتحليل البيانات لتحديد أوقات الذروة وتخصيص الموارد بكفاءة التى تلبي حاجة المواطنين.
تاسعا: تقعيل دور إستطلاع الرأى للمواطنين لقياس رضائهم عن جودة الخدمة المقدمة لرصد نقاط القوة والضعف فى أداء تقديم الخدمة عن طريق إستبيانات إليكترونية أو رسائل نصية.

إن معالجة ظاهرة الطوابير تستلزم تعاون فعال بين جميع الآطراف فالحكومة بمساعدة القطاع الخاص عليها بناء وتطوير البنية التحتية والتكنولوجية ثم يأتي دور المواطن فى الإلتزام والمشاركة الإيجابية لتقديم تجربة خدمية عصرية تحفظ كرامة المواطنين .

مساحة إعلانية