مساحة إعلانية
تنفس الجميع الصعداء، مع سريان إتفاق وقف إطلاق النار في غزة، ودخول المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى القطاع و بدء تبادل الأسرى بين حماس و الإحتلال.
ولا يختلف إثنان على أن هذا الإتفاق يأتي رغماً عن سلطات الإحتلال، رغم أنها تمارس حرب شرسة منذ أكثر من 15 شهر على الفلسطينيين في قطاع غزة ، إلا إنها لم تحقق إنجاز يذكر في كل المحاور التي حددها الإحتلال قبل بدء الحرب.
فـ الرهائن لم تتمكن سلطات الإحتلال من الوصول إليها، و هو ما دفعها إلى قبول للإتفاق بعد محاولات إستمرت لأشهر، أما القضاء على حماس، فـ هذا الأمر أيضاً فشلت فيه سلطات الإحتلال، فـ مقاتلي و قادة الحركة مازالوا يتواجدون على الأرض، و كتائب القسام هي من تقوم بتسليم الأسرى للصليب الأحمر، وبالنسبة إلى تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، فهذا الأمر فشلت فيه سلطات الإحتلال أيضاً، و بالرغم من العنف المفرط و إتباع سياسة التجويع، تمسك الشعب الفلسطيني بأرضه في قطاع غزة، وعلى سبيل المثال اعتصم بالأرض أكثر من 300 ألف فلسطيني في شمال قطاع غزة بالتحديد.
ورغم أن الحرب لم تكن سهلة على الإحتلال الإسرائيلي، إلا أن الإتفاق أيضا لن يعطيه لا سلام و لا إستقرار، فـ أول الأزمات التي تسبب فيها الإتفاق هو إستقالة ثلاث وزراء من حكومة نتنياهو ينتمون إلى إئتلافه المتطرف ، وهم " وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ووزير النقب والجليل والصمود الوطني يتسحاق فاسرلوف، ووزير التراث عميخاي إلياهو".
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل إمتد إلى تهديد وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، بالإستقالة في حالة عدم إستئناف الحرب على غزة بعد استلام الرهائن، والسيطرة على القطاع، وهو الأمر الذي يخالف إتفاق وقف إطلاق النار، الذي تضمن إنسحاب قوات الإحتلال من القطاع ، والعمل على إعادة إعمار القطاع، لذا فإن إندلاع أزمة سموتريتش مسألة وقت.
أما عن حكومة نتنياهو، فإن المعارضة لها شرسة داخل الأراضي المحتلة، وذلك على المستويين السياسي والشعبي، فـ المعارضة الإسرائيلية تحمل نتنياهو المسئولية كاملة عما حدث بداية من 7 اكتوبر و النتائج الكارثية للحرب سواء في غزة أو لبنان، والتي نتج عنهم خسائر بشرية كبيرة، بجانب الخسائر الإقتصادية .
وعلي المستوى الشعبي، فإن الإسرائيليين يحملون نتنياهو كافة النتائج، لما آلت إليه الأوضاع، بجانب المظاهرات والاعتصامات التي قام بها أهالي الرهائن لإجبار الإحتلال على الرضوخ لإعادة ذويهم.
ولم ينتهي الأمر عند هذا الحد ، بل يمتد إلى الاتهامات الموجهة إلى نتنياهو بالفساد، والصدام مع السلطات القضائية، بجانب الانقسامات داخل الكابينت الإسرائيلي.
ومن بين الأزمات التي تتفاقم في وجه نتنياهو، هو علاقته مع ساكن البيت الأبيض الجديد دونالد ترامب، الذي رغم توعده بالجحيم إذا لم يتم الإفراج عن الرهائن قبل عودته بشكل رسمي إلى البيت الأبيض، لكنه آثار التساؤلات بعدما نشر مقطع فيديو عبر حسابه على منصة "تروث سوشيال"، ظهر فيه البروفيسور والخبير الإقتصادي جيفري ساكس، وهو يهاجم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وصفه خلاله بـ "ابن عاهرة مظلم"، وذلك في فعالية نظمتها جامعة كامبريدج، إذ اتهم ساكس أثناء حديثه في الفعالية التي تضم عددًا من المناهضين للسياسة الإسرائيلية بجر الولايات المتحدة الأمريكية إلى حرب لا نهاية لها، كما ألقي بمسئولية الغزو الأمريكي للعراق على نتنياهو الذي قال عنه إنه "مهووس" بالحرب، وهو ما يؤكد أن ترامب أراد مغزى وهدف محدد من وراء نشر هذا المقطع.
والخلاصة أن نتنياهو أراد من وراء هذا الإتفاق، الحصول على بعض الدعم سواء الشعبي أو السياسي، أو الخارجي لتدعيم حكمه و حكومته، إلا أن كل المؤشرات على الأرض تؤكد أنه لن يظفر بذلك