مساحة إعلانية
قسم الترجمة - وكالات
أفادت صحيفة "يديعون أحرونوت" بأن عملية الجيش الإسرائيلي "عربات جدعون ب" لغزو غزة دخلت مرحلتها البرية مع قيادة منقسمة وإخفاء للمعلومات وهدف متواضع، كاشفة عن تعليمات تلقاها الجنود.
وأشارت الصحيفة إلى أنه بعد أيام متواصلة من قصف المباني السكنية المرتفعة في مدينة غزة ونزوح مئات الآلاف من سكان أكبر مدينة في القطاع باتجاه الجنوب، بدأت ليل أمس (الاثنين) ضربات جوية كبيرة من قبل الجيش الإسرائيلي في المنطقة، كجزء من الاستعدادات النهائية قبل دخول مقاتلي المشاة والمدرعات والهندسة القتالية خلال الليل. وأفاد الفلسطينيون عن "حزام ناري" في شمال غرب المدينة، وأظهرت مقاطع فيديو سماء غزة بلون برتقالي نتيجة لهذه الضربات النارية. ومنذ أمس، تُسمع أصداء انفجارات عنيفة في وسط إسرائيل نتيجة للضربات في القطاع، التي استمرت طوال الليل واليوم.
وصباح اليوم أكد الجيش الإسرائيلي أن المرحلة البرية من عملية "عربات جدعون ب" قد بدأت مع دخول أولى الألوية القتالية إلى عمق المنطقة الحضرية المكتظة والكبيرة الأخيرة المتبقية في القطاع، بعد أن تمت تسوية معظم رفح وخان يونس بالأرض. ووفقا لـ يديعوت أحرونوت تم سحب هواتف الجنود الذين سيقودون العملية مساء أمس منهم، ومعظمهم من الجنود الشباب من الكتائب النظامية الذين كانوا في المدرسة الثانوية في 7 أكتوبر. وفي التعليمات النهائية التي تلقاها الجنود في قاعدة "تساليم" ومناطق التجمع، تم التشديد على الالتزام بقواعد أمن المعلومات، ومرة أخرى، ترك الهواتف المحمولة في الخارج أو عدم استخدامها. فبعد حوالي عامين من اندلاع الحرب، ما زالت حماس تسيطر على القطاع وتتعلم وتستعد. وقيل للجنود أن يتوقعوا قضاء حوالي شهر دون العودة إلى ديارهم، داخل غزة، بين شارع يقومون بتطهيره وبيت فلسطيني سيحتلونه، كجزء من المخابئ التي سيقيمون فيها خلال فترات التوقف بين الهجمات.
وفي اجتماع عقده رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مساء الأحد مع وزراء كبار وكبار المسؤولين الأمنيين، قدّر رئيس الأركان إيال زامير أن العملية المتوقعة لاحتلال مدينة غزة ستكلف ثمنا باهظا، مشيرا إلى أن عشرات المقاتلين قد يُقتلون، دون تحديد رقم دقيق. في المقابل، ادعى نتنياهو أن معظم التقديرات تظهر أن العملية ستزيد الضغط على حماس وتؤدي إلى حسم المعركة. وفي النقاش نفسه، حذر زامير أيضا من أن الخطر على الأسرى سيزداد خلال عملية عربات جدعون ب وشدد على أن الجيش الإسرائيلي سيحاول تقليل المخاطر لكنه دعا المستوى السياسي إلى الإسراع في دفع صفقة الرهائن.
وحسب "يديعوت أحرونوت" فإن لواء حماس في مدينة غزة، الذي ستتجه إليه قوات الجيش الإسرائيلي في الأشهر القادمة، ليس "المعقل الأخير" لحماس على الإطلاق فلديه قيادة وتحكم بمستوى مقبول - حسب تقديرات الجيش - وذلك بفضل القواعد تحت الأرض وشبكة الأنفاق الواسعة، التي لم يتم اكتشافها أو التي تم ترميمها بعد العملية الأولى في المدينة قبل حوالي عام ونصف.
وعلى المستوى التكتيكي، المهمة العامة للقوات - لقادة الكتائب وقادة الألوية وآلاف المقاتلين - لا تختلف كثيراً عن الغارات والعمليات الأخرى في الحرب الطويلة: الوصول إلى مراكز ثقل حماس فوق وتحت الأرض، وتحديدها وتدميرها. ويأمل الجيش أن يؤدي الاحتكاك إلى اكتشاف المسلحين والقضاء عليهم، على الرغم من أن الجيش لا يسعى للعثور على كل المسلحين أو جميع بنادق الكلاشنكوف الخاصة بهم.
وزعم التقرير أن من المتوقع أن تكون الطريقة التي سيعمل بها الجيش الإسرائيلي مختلفة هذه المرة: فقد تم تدريب القوات في الأسابيع الأخيرة على المناورة في بُعدين: فوق الأرض وتحتها. وقال ضابط كبير في القوات البرية مساء أمس لـ "يديعوت أحرونوت": "في بداية الحرب، كان محظورا النزول إلى الأنفاق، كنا خائفين من ذلك، وكانت هذه قدرة خاصة للوحدات النخبوية مثل وحدة ياهالوم فقط. من العملية الأولى في خان يونس العام الماضي، أدركنا أن من الممكن والضروري العمل بطريقة مختلفة. لا يجب أن نترك للعدو منطقة راحة".
ووفقاً له: لم يعد هناك شيء اسمه أن يقاتل الجنود في منطقة مبنية، بين المباني أو داخلها، بينما يركض ويتخبأ المسلحون تحتهم. ومع ذلك، يجب ملاحظة أن هذا لا يعني بالضرورة أن كل نفق يتم اكتشافه في مدينة غزة ستدخله على الفور فصائل من ألوية المشاة المختلفة.
وهذه المرة، سيتم تدمير المزيد والمزيد من المباني في العملية القادمة في مدينة غزة، على نطاق صناعي مشابه لمستوى "عربات جدعون أ". وخلال تلك العملية، في خان يونس، دمر لواء المظليين النظامي وحده 2137 مبنى متعدد الطوابق في حيين في شرق المدينة، خلال بضعة أشهر فقط.
ولفتت الصحيفة إلى أنه "في السيناريو الأمثل بالنسبة للجيش الإسرائيلي، ستنتهي العملية في مدينة غزة في حوالي شهر يناير استعدادا لعملية عربات جدعون ج. في أي من السيناريوهات التي يقدمها الجيش في المناقشات المغلقة، لن يتم القضاء على حماس. لذلك، يحذر رئيس الأركان زامير مرارا وتكرارا من أن إنجازات الجنود ستتآكل في هذه الجولة أيضا، وأن إسرائيل لن تحقق أهداف الحرب من خلال عمل عسكري فقط وبدون قرار سياسي حاسم بشأن مستقبل غزة.
في هذه الأثناء، قررت القيادة الجنوبية الاستمرار في سياسة الغموض، وإخفاء القادة والجنود عن الجمهور، وحتى لو أُجريت مقابلات مع عدد قليل منهم قريبا، فسيكون ذلك على نطاق محدود. من المشكوك فيه أن هذا النهج يساهم في تحسين المناخ الخطر الذي تدخل فيه العملية المثيرة للجدل في مدينة غزة - دون دعم شعبي واسع؛ في ظل انعدام ثقة مروع بين رئيس الأركان ورئيس الوزراء ووزير الدفاع يسرائيل كاتس الذي عينه قبل ستة أشهر فقط؛ وفي خطر ملموس على حياة الأسرى الأحياء المحتجزين في مدينة غزة.