مساحة إعلانية
ذاتَ يومٍ، قرَّر أبي أن نذهبَ لزيارةِ بيتِ عمي، الذي لا يوجد طريقٌ للوصولِ إليه، سوى عبور نهر النيلِ بركوبِ أحدِ القواربِ التي يستخدمها الناسُ للعبورِ من ضِفَّةِ النهرِ إلى الضِفَّةِ الأخرى.
وعندما ركبنا القارب، أخذتُ أُرَدِّدُ بصوتٍ مسموعٍ:
"ما أجملَ نهرَ النيلِ!"
فسمعني أبي، وقال: "وماذا تعرفين عن نهرِ النيلِ يا تسنيم؟"
قُلتُ: "أَعرفُ أنَّ هذا النهرَ الرائعَ له أهميَّةٌ كبيرةٌ جدًّا لنا، فقد قرأتُ أنَّ النسبةَ التي يُمثِّلُها نهرُ النيلِ من إجمالي مصادرِ المياهِ في مِصرَ حوالي ٩٥٪، فهو مصدرٌ مهمٌّ للحياةِ في مصر؛ لأنَّهُ يُوفِّرُ المياهَ للشربِ والزراعةِ، كما نَصطادُ العديدَ من أنواعِ الأسماكِ التي تعيشُ في النهر. ولكن، ما رأيكَ أن تحكي لي أكثرَ عن نهرِ النيلِ يا أبي، لأتعلَّمَ معلوماتٍ أكثر؟"
قال أبي: "نهرُ النيلِ يا بُنيَّتي هو أطولُ نهرٍ في العالم، ويبلغُ طولهُ حوالي ٦٦٥٠ كيلومترًا، ويمتدُّ من الجنوبِ إلى الشمالِ، فهو يَنبعُ من بحيرةِ فيكتوريا التي تقعُ على حدودِ ثلاثِ دولٍ؛ هي أوغندا وتنزانيا وكينيا. ونهرُ النيلِ له رافدانِ، هما: النيلُ الأبيضُ؛ ويبدأُ في جنوبِ السودان، والنيلُ الأزرقُ الذي يبدأُ من إثيوبيا، ويندمجُ النيلُ الأبيضُ والأزرقُ عند مدينةِ الخرطومِ في السودان، ويتَّجهُ شمالًا ناحيةَ مصر، وقبلَ نهايتهِ يتفرَّعُ إلى فرعينِ، وهما فرعُ دمياط وفرعُ رشيد، ويَصُبُّ في النهايةِ في البحرِ الأبيضِ المتوسط".
وعندما كان أبي يُواصلُ حديثَهُ معي، لاحظتُ أنَّ جميعَ مَن في القاربِ ينظرونَ إلى أبي ويَستمعونَ إلى هذه المعلوماتِ المهمَّةِ عن نيلِنا العظيم.
فقلتُ لأبي: "احكِ لنا أكثرَ يا أبي!"
قال أبي: "كان المصريونَ القُدَماءُ يُقدِّسونَ نهرَ النيلِ، وأَطلقوا عليهِ "حابي" (بمعنى الذي يفيضُ بالماءِ)، وكان للنيلِ دورٌ هامٌّ في نشأةِ الحضارةِ الفرعونيَّةِ، والنيلُ رمزٌ من رموزِ مصرَ، ولولاهُ، لما أصبحت مصرُ أبدًا، واحدةً من أهمِّ الحضاراتِ في التاريخ".
هنا قال صاحبُ القاربِ لأبي: "أحسنتَ يا أخي، ولكن اذكرْ لنا؛ كيف نُحافظُ على مياهِ هذا النهرِ العظيم؟"
قال أبي: "بتنظيفِ النهرِ والمُشاركةِ في حملاتِ التوعيةِ للمساهمةِ في حمايةِ نهرِ النيلِ، لإزالةِ المُلوِّثاتِ والحفاظِ على البيئةِ المائيَّة، وأيضًا بتقليلِ استخدامِ الموادِّ البلاستيكيَّةِ؛ لأنَّها تُلوِّثُ المياهَ وتُؤثِّرُ على الحياةِ المائيَّة. ويَجبُ ترشيدُ استخدامِ المياهِ في الزراعةِ والصناعةِ، ويُفضَّلُ الرَّيُّ في الصباحِ الباكرِ أو المساءِ، للحفاظِ على المياه، وأيضًا بتحسينِ كفاءةِ المياهِ في المشاريعِ الزراعيَّةِ والصناعيَّةِ وتقليل الهدرِ، وعدم إلقاءِ النفاياتِ ومُخلَّفاتِ المصانعِ في النهر، وتَجنُّب استخدامِ المُبيداتِ الحشريَّةِ بجانبِ نهرِ النيلِ؛ لأنَّها قد تتسرَّبُ إلى المياهِ وتُلوِّثها".
هنا قاطعَ الرجلُ أبي قائلًا: "لقد وصلنا".
قلتُ: "ياه، يا أبي! كنتُ أتمنَّى ألَّا تنتهي رحلةُ عبورِنا النهرَ بهذه السرعة، لأتعلَّمَ معلوماتٍ أكثرَ عن نهرِ النيل".
قال أبي: "هيا الآن نزورُ عمَّكِ، وأعِدُكِ أن نُكمِلَ حديثَنا ونحنُ نجلسُ أمامَ النيل؛ فإنَّ منزلَ عَمِّكِ قريبٌ جدًّا من النهر، وسوف تَستمتعينَ باللعبِ مع بناتِ عَمِّكِ أيضًا، وسنقضي يومًا جميلًا هنا، وسوف يُعلِّمُنا عَمُّكِ صيدَ الأسماكِ؛ فهو صيَّادٌ ماهر".
فَرِحتُ كثيرًا، وأَمسكتُ بيدِ أبي لأنزلَ من القارب، وأنا مُتحمِّسةٌ جدًّا للوصولِ إلى بيتِ عمي مع أبي، واللعبِ مع بناتِ عمي، وقضاءِ يومٍ جميلٍ ومُمتعٍ في بيتِ عَمِّي على حافَّةِ النهر.