مساحة إعلانية
كانت معركةُ طه حسين والرافعي أشبهَ بصدامِ جبلين؛جبلٍ يلمعُ بعقلٍ حادٍّ كالسيف،وجبلٍ تفوح منه رائحةُ البلاغة القديمة كأنها بخورُ الأجداد.
بداية من أنتقاد طه حسين أداب العرب ١٩١٢ لم تنتهى غير بوفاة الرافعي ١٩٣٤ لكنّ ما لا يعرفه كثيرون،أنَّ هذا الصدام —على شدّته— ظلّ يحمل في جوفه شهامةً خفية.
فالرافعي، ذلك الفارس الذي لا يلين قلمه،ظلّ بعد رحيله يقاتل بصمتٍ آخر…قتالٌ لا يسمع دويَّه أحد،ولا تسيل فيه حبرٌ ولا دم،بل يقف فيه الوفاء وحدهُ في الميدان.
يُروى أنّ عميد الأدب العربي — بكل ما كان فيه من صلابة —
لم يترك زوجه الرافعي تقف عند أبواب الوظائف مهملة،
ولا عند مكاتب الدواوين مكسورة،بل ظلّ اسمه يتردد في دفاتر الدولة كأنه حيّ،يدافع عن حقّها في المعاش الكامل،كأنّ رجولته بقيت تمسك بالقلم من قبره،
تكتب:"لا تُهدروا حقّ امرأةٍ صبرت على شاعرٍ يحترق."
وهكذا…
تحوّل الرافعي الذي عرفه الناس خصمًا مجادلًا،إلى حارسٍ نبيل في رواية أخرى،رواية لا ترويها المعارك،بل ترويها الإنسانية التي تنجو من بين أنياب الخلاف.
جسدها عميد الأدب العربى فكم من فارسٍ عاش مقاتلًا، ومضى محاربًا،لكن قلّما يهبط التاريخ على روح رجلٍ
ويقول عنه: "ظلّ نبيلاً… حتى وهو غائب."