مساحة إعلانية
❐ قانون الإجراءات الجنائية مازال محل جدل واحتجاجات المحامين تتصاعد مدعومة باعتراضات الرئيس
❐ إمكانية نجاح القانون في تحقيق فلسفته تتضح من خلال التطبيق علي الأرض والمحكمة الدستورية العليا قادرة علي إعادته للبرلمان من خلال نص الدستور علي الرقابة اللاحقة
❐ أبرزها الإيجار القديم بعد قبول الطعن عليه و قانون الأحوال الشخصية المتهم بأنه قانون انثوي وقانون العمل لمزيد من التوازن بين العامل والمستثمر
إيمان بدر
لعلها من المرات القليلة التي ينتظر فيها الجميع انتخابات مجلس النواب القادم، ذلك لأن المجلس المنتهي مدته قد تعجل في أواخر دورته التشريعية بإصدار بعض القوانين شديدة الأهمية والتي تمس كل بيت مصرى، حتي أتهم هذا المجلس بأنه تعمد ( سلق) هذه القوانين واصدارها في عجالة جعلت من بينها قانون قبلت المحكمة الدستورية العليا الطعن المقدم عليه وقانون اخر أعترض رئيس الجمهورية شخصياً علي بعض نصوصه مثلما تظاهر ضده المحامون المنوط بهم تطبيقه.
وعلي جانب آخر هناك قوانين طبقت بالفعل ولكن التطبيق علي أرض الواقع كشف عن أوجه عوار تصاعدت معها شكاوي قطاعات واسعة من المواطنين، ومن ثم كان اعتراض القضاة الدستوريون وأبرزهم الراحلة المستشارة تهاني الجبالي علي دستور لجنة الغرياني الإخواني لأنه ألغي الرقابة اللاحقة للمحكمة الدستورية العليا علي القوانين واكتفي بالرقابة السابقة فقط، ووقتها قالت (الجبالى) رحمها الله إن أوجه العوار أو القصور في أي نص تشريعي لا تتضح طالما بقي حبر علي ورق ولكن تظهر عند تطبيقه علي الأرض ومن ثم يتعين الطعن علي القوانين التي طبقت بالفعل واحدثت مشكلات مجتمعية تمس حياة المواطنين وهنا يجوز للدستورية العليا أن تتدخل أولا بقبول الطعون ثم بأن تصدر أحكامها بوجوب تعديل القانون.
وعلي خلفية ذلك أعيدت مادة الرقابة اللاحقة للدستورية العليا في الدستور المصري المطبق حاليا ( دستور ٢٠١٤) وعلي أرض الواقع قبلت المحكمة بالفعل طعونا قدمت علي قانون الإيجار الجديد ومن ثم يترقب الجميع من ملاك ومستأجرون حكم المحكمة وهل ستقر تعديل القانون جزئيا أم إعادته كاملاً إلي مجلس النواب الجديد ليعيد مناقشاته حول تعديله أو ربما استبداله بقانون آخر وصيغة أخرى.
وفي سياق متصل يأتي قانون الإجراءات الجنائية الذي اعترض الرئيس عبد الفتاح السيسي شخصياً علي ٨ مواد من نصوصه، وكانت نقابة المحامين وفروعها في الأقاليم قد بادرت بتنظيم اعتصامات مازال بعضها مستمراً للاعتراض علي هذا القانون كما رفضته نقابة الصحفيين، ولأن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم ينتظر المتابعون أن يتقدم نواب البرلمان القادم بتعديلات مقترحة علي هذا القانون أو ترضخ الحكومة للضغط الشعبي من ناحية والاعتراض الرئاسي من ناحية وتبادر باقتراح تعديلات عليه.
وفي نفس قائمة القوانين التي أثارت غضبا لدي بعض الفئات يأتي قانون الأحوال الشخصية المتهم بأنه قانون انثوي يضر بمصلحة الأطفال ضحايا الشقاق، حيث يخرج علينا حالياً بعض المحامين بل والمحاميات يطالبون بتعديل نصوصه المتعلقة بتواصل الطفل مع والده، حيث تعلن إحدي المحاميات أن لديها موكلين آباء محرومين من رؤية أبناءهم لسنوات طويلة تصل إلي ١٠ سنوات، بل ويخرج علينا آباء يقدمون مستندات تثبت أنهم يدفعون مبالغ ضخمة علي سبيل مصاريف مدارس اللغات وأندية الأثرياء ثم تقوم الأم بحرمان الأب من رؤية ابناءه بل وتتلاعب لنقل الاطفال إلي مدارس بتكلفة أقل وتستحوذ لنفسها علي فارق المبلغ، وهي اتهامات متبادلة منظورة أمام القضاء ولكن في حالة تزايد معدلات قضايا الخلع والطلاق يتعين علي المجتمع ككل وليس المؤسسة التشريعية فقط أن تعيد النظر في القانون لأن الهدف في النهاية مصلحة الطفل والحفاظ علي استقرار المجتمع والأسرة التي هي وحدة بناءه، وليس من المنطقي الإبقاء علي قانون زادت معه اعداد المطلقات المستفيدات من الطلاق.
أما القانون الأحدث والذي بدأ تطبيقه بينما الشارع السياسي يستعد لإجراء انتخابات مجلس النواب فهو قانون العمل، الذي أبدي بعض رجال الأعمال والمستثمرين مخاوفهم من أنه ينحاز للعامل ضدهم، خاصةً فيما يتعلق بضرورة وسرعة التأمين علي جميع العمال وكذلك الإلزام بالحد الأدني للأجور والإجازات مدفوعة الأجر وساعات العمل الإضافية مدفوعة الأجر وغيرها، ولكن مازال هذا القانون يحتاج لفترة أطول من التطبيق علي الأرض لأن التجارب العملية ستجيب علي تساؤلات من نوعية هل يلجأ أصحاب الأعمال إلي تقليص عدد العمالة لتفادي الوقوع في مشكلات مرتبطة بصرف مستحقاتهم ودفع المستحقات التأمينية، وفي ظل إلغاء الاستمارة ٦ هل سيلجأ بعض أصحاب الأعمال إلي تصفية استثماراتهم ثم إعادة تشكيل كيانات جديدة بأسماء مختلفة لتسريح العمال من ناحية والاستفادة من الإعفاءات الضريبة من ناحية أخرى، تلك التساؤلات سوف تجيب عنها الفترة القادمة لإثبات مدي نجاح القانون في تحقيق الفلسفة التي تم وضعه من أجلها، والتي تتمثل في تحقيق التوازن بين حقوق العامل من ناحية وصاحب العمل من ناحية حتي لا يضار العامل ولا تنسحب الاستثمارات خاصةً في ظل إتجاه الدولة إلي دعم وتشجيع القطاع الخاص.