مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

ثقافة x ثقافة

أماسي أبْ سعيد على سطح المُغْرَبيَّة

2023-06-21 00:35:12 - 
أماسي أبْ سعيد على سطح المُغْرَبيَّة
لوحات الفنان
أماسي أبْ سعيد على سطح المُغْرَبيَّة
أماسي أبْ سعيد على سطح المُغْرَبيَّة
أماسي أبْ سعيد على سطح المُغْرَبيَّة
لوحات الفنان
منبر

مصطفى جوهر/ قنا
على سطح بناية تشبه - في ارتفاعها المتناسِق النحيف – (مؤمن بهجت المُغْرَبِي)؛ المصوِّر الفوتوغرافي القنائي، والذي أطَلَّ رافعًا يده لأعرف مكان المعرض، غير أنَّ وهَج الإضاءة هَدَاني إلى المكان قبْلها بخطوات..
- وَه وَه وَه.. خال سمير!
- ألقُط نفَسك من السلِّم يا درش 
- شوية (دُوم) مقرِش 
- (يَدُوم) عِزَّك يا مولانا 
ليصدح الصوت بالسيرة الهلالية والمديح، خلفيَّةً لحوارات الاشتياق لهكذا تجمُّع ولقاء، بينما العيون تتجوَّل على جدران سطح المُغرَبية، تطالِع (أبْ سعيد)، أو محمد سعيد، الصوفي المتحدِّث بالسريانية، صاحب الأحوال والحوار مع التراب، والروح تطالع حكاياتِ (مؤمن) عن كواليس التجربة، في أجواءَ أسطوريةٍ، أضاف لوَهجِها حضورُ (مؤمن) وطاقتُه في الحكْي: "كنت شايفُه محااارب، كأني أخدت محارب من معركة، وقلت له دقايق هاصوِّرك، وِارْجَع تاني"، ويذكر مؤمن بهجت "أن (أبْ سعيد) اسم شهرة للشيخ (محمد سعيد)، وهو شخص مجذوب يقصده الكثير من الأهالي للتبرُّك به، وقضاء حوائجهم وفقًا لاعتقادهم! والقصة بدأت عندما كنتُ أذهب لزيارة الشيخ قبْل وفاته، فانتهزتُ الفرصة وقرَّرت تصويره خلال فترات مختلفة، وكانت اللقطات كلها بشكل تلقائي؛ وهو ما جعلها تأتي بشكل طبيعي، له تأثيره."
وتابع (مؤمن): "تمكَّنتُ من التقاط حوالي ٣٠٠ صورة للشيخ الراحل خلال شهور قليلة قبْل وفاته، وفكَّرت في إقامة معرض يضم بعض هذه الصور، وبعد فترة من التنسيق وافَق (بيت السناري) على إقامة المعرض لمدة ثلاثة أيام، ضمَّ المعرض تسع عشرة لوحة متنوعة للشيخ (أبْ سعيد).
وأضاف (مؤمن): "كل لقطة تعبِّر عن موقف معيَّن أو حال يعايشه الشيخ المجذوب؛ فكلامه تمتمات غير مفهومة، لا يعرف معانيها إلا ترجمانه، ولقطات تمثل اعتراضه على أشياءَ معيَّنة." أما الشيخ (أبْ سعيد) فقد توفِّي في شهر يونيو ٢٠٢١، وهو في السبعينات من عُمره.
يُذكَر أن الشيخ (أبْ سعيد) كان يقطن قرية القصر، الواقعة شرق مدينة نجع حمادي، شمال مدينة قنا، حيث أقام بشكل شبه دائم في المقابر. وكان الكثير من المواطنين يداومون على زيارته، ويقدِّمون له الهدايا أملاً في العلاج من بعض الأمراض المستعصية، أو أن يكون سببًا من عند الله في قضاء بعض الأمور. وكان بعض المتردِّدين على الشيخ المجذوب يرَوْنه صاحبَ كرَامات، لكونه وُفِّق من قِبَل الله في علاج بعض الحالات من أمراض غامضة، وخاصة المتعلِّقة بالمَسِّ والسحر (وفقًا لما يذكره الأهالي)!
وعلى سطح (المُغْرَبية)، لم يكن المصوِّر ولا الحضور معنِيِّين بملابسات (أبْ سعيد)، أو ما يتلبَّسُه من أحوال، كلُّنا كان معنيًّا بحضور الصورة الطاغي، وبشاشة العدسة وهي تدشِّن لمعرض جديد للفنان (مؤمن بهجت المُغرَبي)، كحالة فنية مفتَقَدة في قنا، بل الصعيد كله، ليصدح بعدها كمُغنٍّ عذْب الصوت، قابض على إيقاع الدُّف، ويأخذنا الحال كما قال بعض الحضور للشِّعر، فتستدعي نوستالجيا الخال سمير سعدي، والعبدِ الفقير بعضَ الذي فَرَّ من عباءةِ الحال، التي جذبت السماءُ أطرافَها في تلك الليلة، وقد رصَّعتها النجوم، نجوم تحكي: كالمثقَّف الرائع وافي نصر يس، ولفيفٍ من الأصدقاء المحبِّين للفن، بينما نجومٌ أخرى تُطِلُّ من عَلٍ في رِضًى.. لتبارك هذا المعرض الذي أُقيم بشكله المستقل والاستثنائي على سطح (المُغْرَبية)؛ حيث بيت المصوِّر.. 
وجدير بالذِّكْر أن (مؤمن بهجت المُغرَبي) شارَك في عدد كبير من المعارِض، منها معرض (قمرة على التراث، بفندق حتحور ٢٠١٦)، ومعرض (السياحة في الجنوب بجامعة جنوب الوادي ٢٠١٦)، و معرض (اكتشِفْ مصر، بأكاديمية ناصر العسكرية العليا ٢٠١٩).
لروحك السلام يا (مؤمن) يا (بهجت) يا (مُغْرَبِي).. وتدوم تغريبة (أبْ سعيد) وحكْي الكاميرا.

مساحة إعلانية