مساحة إعلانية
- خفايا دور إسرائيل وروسيا وإيران في لعبة توازن القوى ومازالت رمانة الميزان في القاهرة
- فتح ملف السودان في هذا التوقيت لا ينفصل عما يحدث في غزة ويمتد إلى إثيوبيا وليبيا والعمق الافريقي
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يستقبل الرئيس السوري أحمد الشرع ؟!! وماله ننسى إللى فات ونفتح باب التوبة حتى لو كان الماضي إرهاب ودم، لكن يكفيه أنه اقتلع الجذور الإيرانية من سوريا ومعها لم تعد القواعد الروسية ( قاعدة) على شواطئ المياة الدافئة لتحل محلها قواعد أمريكية، بمعنى أن الشاب الذي وصفه الرئيس الأمريكي بأنه وسيم ومفتول العضلات قدم اوراق اعتماده لدى القيادة السياسية ( العفيجية)، بعدها بأيام نفس هذا الترامب يستقبل ولى العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ليقدم الاخير استثمارات تريليونية ليست نفطية فقط، مقابل طائرة أمريكية عسكرية لا أحد يمتلكها في المنطقة سوى إسرائيل، ناهيك عن اتفاقية الدفاع المشترك بين واشنطن والرياض، أحد المتابعين علق على ذلك ساخراً ( يعني لو أمريكا اتعرضت لخطر السعودية هتدافع عنها؟!!)، قد يبدو الاستفهام نافياً أو مستبعداً ولكن الواقع يؤكد أن هذا ما يحدث على الأرض، لأن القوة العسكرية السعودية والخليجية بشكل عام تمثل أقوى سلاح رادع لتمدد النفوذ الإيراني ومن خلفه الروسي في المنطقة، وهو ما يتلاقى مع الأهداف الأمريكية بتحجيم الدب الروسي وتقليم أظافر كسرى الفارسي، بمعنى أن ذكر دولتى روسيا وإيران يتكرر للمرة الثانية في نفس السياق المتعلق بالعلاقات الأمريكية داخل منطقة الشرق الأوسط وخريطة مراكز القوى المحيطة بدولة الكيان الإسرائيلي التى هى الطفلة المدللة للبيت الأبيض أيا كان ساكنه، فما بالك ومن يقيم فيه حالياً هو الصديق الأقرب لبنيامين نتنياهو شخصياً والاب الروحى لجاريد كوشنر صهر ترامب ومستشاره السياسي أو بالأدق المنسق الخاص لصفقات حماية أمن واستقرار تل أبيب في المنطقة.
وما هى إلا أيام أخرى تمر يفاجئ بعدها ترامب العالم بإرسال برقية تهنئة للرئيس اللبنانى ميشيل عون، بمناسبة ذكرى يوم الاستقلال، ولكن ليس فقط للتهنئة ولكن ليشيد خلالها بقرارات عون بشأن نزع سلاح حزب الله اللبناني الموالى لإيران - للمرة الثالثة يذكر إسم إيران في محيط نفس المنطقة - بل ويعرض خدمات واشنطن لتدعيم وتفعيل هذه القرارات مقابل تعزيز التعاون مع لبنان، تلك الدولة الجريحة من ويلات الحروب والتى كانت حتى الأمس القريب واحدة من أقوى وأقدم ركائز إيران في المنطقة والتى قبع في جنوبها لعقود طويلة حزب الله ورئيسه الراحل حسن نصر الله الذي شكل من وجهة نظرهم خطراً يهدد حدود إسرائيل والذي قتلته الأخيرة في معقله وسط رجاله الذين رافقوه إلى الدار الآخرة.
على خلفية ذلك يتضح أن الرئيس الأمريكي يمضى قدما في تحقيق هدفه كأحد المنتمين للحزب الجمهورى في بلاده، وهو التيار الذي يسعى لتقليم أظافر إيران والقضاء على قوتها العسكرية ونفوذها السياسي، ويختلف عن الديموقراطيون الذين آثروا توقيع اتفاقية البرنامج النووي الإيراني في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما، والذي ذهب نتنياهو شخصياً ليخطب في قلب الكونجرس الأمريكي مهاجماً سياساته بل ومتطاولا على شخصه.
أما عن طهران فمازالت بعض الآراء المتفائلة تؤكد أنها لم تضحى ببرنامجها الصاروخي كاملاً، وربما قدمت رأس رئيسها الراحل إبراهيم رئيسي لأنه لم يوافق على ثمة صفقة تمت بالفعل ضحت طهران بمقتضاها باسماعيل هنية زعيم حركة حماس ومن بعده حسن نصر الله رئيس حزب الله لتتنازل مؤقتاً عن نفوذها في بعض الأراضي العربية مقابل الاحتفاظ جزئياً ببرنامجها الصاروخى ومعه يتجدد الأمل لاستعادة قواها وطموحاتها بعد ما يمكن أن يطلق عليه استراحة أو حالة بيات مؤقت.
ولعل السؤال الأبرز في هذا الأمر هو ماذا عن مصر، إذا كانت إيران وقتما استطاعت أن تسيطر على العواصم الأربعة بيروت وبغداد ودمشق شمالاً وصنعاء جنوباً، وقتها قال أحد قيادات حرسها الثورى أنهم استطاعوا حصار الخليج ( طوينا سجادة الخليج على حد تعبيره ولك يبقى إلا العاصمة الخامسة التى هى الجائزة الكبرى) في إشارة للقاهرة التى كانت عصية على الانطواء في عز قوة الإمبراطورية الفارسية الخومينية، وبالرغم من ذلك لم تجد طهران أقوى وأكثر فروسية ونبلا من القاهرة لتقترب منها في وقت ضعفها، لأنها تعلم أن القاهرة ستظل عاصمة القرار السياسي في المنطقة بل والعالم هى الوحيدة التي لديها علاقات متوازنة مع القطبين التاريخيين امريكا وروسيا والتى تحظى باحترام - ويعمل لها ألف حساب لدى كل من حركة حماس والسلطة الفلسطينية بل والحكومة الإسرائيلية أيا كان من يجلس على رأسها بدءاً من مناحم بيجن وحتى نتنياهو مروراً بباراك ورابين وحتى شارون، هى أيضاً الشقيق الأقرب للسعودية والإمارات وحتى قطر والصديق المقرب حالياً لتركيا والبوابة الشمالية للملف السودانى الشائك الذي يعاد فتحه حالياً والعمق الافريقي الثرى الذي سيشهد في المرحلة المقبلة صراعات جديدة بين مراكز القوى والحيتان الباحثة عن بسط النفوذ السياسي وربما العسكرى من أجل الثروات الطبيعية والكنوز الاقتصادية البكر شديدة الثراء.
وعلى ذكر العمق الافريقي وامتداداته جنوباً وغرباً، نجد دولة مثل السودان تعانى من ويلات الصراعات والمجاعات التى وصلت لكوارث إنسانية لا تقل عما يحدث في غزة، ودولة أخرى مثل اثيوبيا تمتلك ما يسيل له لعاب إسرائيل وغيرها من القوى الإقليمية والدولية ليس فقط للسيطرة على منايع النهر وثرواته ولكن لامتلاك كارث ضغط على القاهرة يتعلق بالأمن المائى، وليست إسرائيل ولا أمريكا ومعهما تركيا وبعض اثرياء النفط ببعيدين عما يحدث في قلب القارة السمراء جنوباً وشرقا وصولاً إلى بترول ليبيا وحقول الغار الطبيعي بالساحل الشمالي الغربي لمصر والمتاخم لحدود ليبيا.