مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

قضايانا

إيمان بدر تكتب: كيف استفادت مصر من قروض صندوق النقد الدولي؟

2024-11-29 07:10:00 - 
إيمان بدر تكتب: كيف استفادت مصر من قروض صندوق النقد الدولي؟
مصطفي مدبولي رئيس الوزراء

كيف يمكن مواجهة التحديات والرياح المعاكسة التي تحدثت عنها رئيسة الصندوق وهل يمكن مواصلة الاقتراض دون المساس بالأسعار ؟


❐ هل تواصل أسعار السلع قفزاتها المتكررة أم تتجه إلي الانخفاض؟

كلما التقيت بشخص أصبح من المعتاد أن يفعل أمرين الأول أن يتحدث عن غلاء الأسعار والثاني أن يسألك هي الدنيا رايحة علي فين؟ وهو تعبير دقيق وإن صدر من مواطن بسيط وكأنه يدرك بحسه الفطري أن ما يحدث في مصر وسعر كيلو الطماطم لا ينفصل عما يحدث حولنا في العالم من توترات جيوسياسية ألقت بظلالها وتداعياتها الاقتصادية علي حياة الناس اليومية، ومن منا لا يعرف أن الحرب الروسية الأوكرانية أدت إلي قفزات الدولار نتيجة رفع سعر الفائدة لدي الفيدرالي الأمريكي ومن ثم ارتفعت أسعار غالبية إن لم يكن جميع السلع والخدمات لأنه حتي المنتجة محلياً يتم استيراد مستلزمات إنتاجها بنسبة كبيرة من الخارج بالدولار.
وعلي الصعيد الإقليمي انعكست حرب عزة وأزمة لبنان علي توقف تصدير الغاز الطبيعي المسال من ناحية واللجوء لاستيراده من ناحية أخري وصولاً إلي تراجع رهيب في إيرادات قناة السويس، ناهيك عن إنسحاب الأموال الساخنة بل وتراجع التدفقات الاستثمارية نتيجة هذه التوترات المحيطة بمصر من جميع حدودها.
وبالرغم من كل ذلك ارتفع التصنيف الائتماني لمصر بل واشادت رئيسة صندوق النقد الدولي كريستينا جورجييفا بخطوات مصر من أجل الحد من التضخم وتباطؤ معدلاته كما أكدت بعد عودتها من زيارتها للقاهرة علي أن مؤشرات الاقتصاد الكلي تحسنت بما في ذلك الشق المالى، رغم ما اسمته الرياح المعاكسة التي لا تواجه مصر فقط بل تواجه العالم وأدت إلي ارتفاع معدلات التضخم في دول أوروبية كثيرة تملك اقتصادات قوية، وهو ما دفع صندوق النقد نفسه إلي إعادة النظر في رسوم الاقتراض وتخفيضها بنسبة ٣٦٪ وهو أمر تستطيع مصر أن تستفيد منه بوصفها ثاني أكبر الدول اقتراض من الصندوق بعد الأرجنتين، ولكن بدا الأمر مختلفاً علي خلفية تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي حول أهمية إعادة النظر في شروط القرض الذي مازال قائماً بقيمة ٨ مليارات دولار، وستحصل مصر علي شريحة جديدة منه بقيمة ١.٣ مليار دولار خلال الفترة الحالية بينما يمتد وصولاً إلي آخر شريحة المقرر لها سبتمبر ٢٠٢٦.
وعلي خلفية ذلك تبرز تساؤلات من نوعية هل تتوقف مصر عن سياسة الاقتراض أم تتجه إلي تعظيم الاستفادة من هذه الأموال بالتوازي مع مراجعة شروط الجهات المانحة حتي لا تمس أسعار السلع والخدمات التي يحتاج إليها المواطنين،  وعلي أرض الواقع يتضح أن القاهرة بدأت بالفعل إتخاذ خطوات جادة لجذب الاستثمارات الحقيقية والإنتاجية بدلاً من الأموال الساخنة سريعة الهروب، بدليل إعادة إحياء شركة النصر للسيارات بشراكة ضخمة من القطاع الخاص كخطوة لتحقيق هدف أكبر وهو توطين صناعة السيارات في مصر، كما تعتزم الحكومة طرح ١٥ شركة أخري لتعزيز مشاركات القطاع الخاص والاستثمار الأجنبي المباشر من أجل إحياء هذه الشركات والصناعات وتحقيق طفرة في معدلات الإنتاج وايرادات الصناعة.
 وهو نفس ما تفعله في حقل ظهر بساحل شرق البحر المتوسط، حيث أعادت احياء الاتفاق مع شركة ايني الإيطالية لاستئناف حفر آبار جديدة للغاز الطبيعي داخل الحقل وغيره، ناهيك عن أعمال التنقيب عن الغاز الطبيعي والنفط في الصحراء الغربية بشراكة مصرية خليجية، لفتح أبواب تصدير مصادر الطاقة من مصر وعبر مصر إلي العالم، بالإضافة إلي مشروع رأس الحكمة السياحي العملاق.
ومن الغرب إلي الشرق حيث تتطلع دول الخليج إلي ضخ استثمارات ضخمة في منتجعات سياحية جديدة علي شواطئ البحر الاحمر وقناة السويس، ناهيك عن إصلاح العلاقات العربية الإيرانية بما يحقق السيطرة علي هجمات الحوثيين وإعادة إيرادات قناة السويس إلي الازدهار.
وفي هذا السياق يتساءل المواطن العادي ( وأنا مالي ؟ هستفيد إيه) لتصبح الاجابات متعلقة بفرص عمل بأجور جيدة لأبنائه من ناحية وضخ حصيلة دولارية ضخمة قادرة علي ضبط أسعار جميع السلع والخدمات التي يحتاج إليها من ناحية أخرى.
وبصيغة أبسط يمكن لمواطن عادي أن يستلف مبلغ من صديقه ليهدره علي أمور غير ذات أهمية، بينما يستطيع مواطن آخر أن يقترض نفس السلفة ليحولها إلي مشروع انتاجي ناجح قادر علي توفير دخل جيد له ولأسرته وتلبية احتياجاتهم الأساسية بشكل لائق، بمعني أن الأزمة ليست في سياسة الاقتراض ولكن في كيفية توجيه الأموال ومدي الاستفادة منها، وهي فكرة عبر عنها الرئيس السيسي أيضاً في تصريح سابق حين قال ( هو انتوا عايزنا ندي الناس فلوس في أيديهم يخلصوها في يومين ولا نبني دولة للأجيال القادمة). 

مساحة إعلانية