مساحة إعلانية
شهدت روسيا خلال الأيام القليلة الماضية، عمليات نوعية جعلت هيبة موسكو العسكرية علي المحك، و ذلك بعدما نجحت كييف في تنفيذ عمليات نوعية، ما بين محاولات اغتيال للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وضرب أهداف مرتبط بالثالوث النووي ، وأخرى إستراتيجية.
ويعد الحدث الأكبر في هذه الأحداث، هو تنفيذ أوكرانيا هجوم مباغت من خلال طائرات مسيرة، انطلقت من الأراضي الروسية نفسها، و استهدفت مطارات عسكرية ومنشآت على صلة بـ الثالوث النووي الروسي، وخلال هذه العملية تم تدمير 13 قاذفة روسية في مطارات عسكرية بالقرب من عمق سيبيريا على مسافة أكثر من 4 آلاف كيلو متر في الأراضي الروسية.
وتقودنا هذه العملية النوعية، للبحث في طيات معاهدة New" start 3 " لحظر الاسلحة النووية، القائمة منذ فبراير عام 2011، وحتى فبراير 2026، والتي تنص أن تبقى كل من أمريكا وروسيا وسائل نقل السلاح النووى مكشوفة للمراقبة بالأقمار الصناعية، من الطرفين، ولهذا السبب أبقت روسيا القاذفات النووية فى المطارات مكشوفة.
ولم يمر سوى يومين فقط، و نجحت أوكرانيا مجدداً في تنفيذ عملية نوعية، نالت على إثرها من سمعة موسكو، و تمثلت هذه العملية في تفجير جسر القرم الرابط بين الأراضي الروسية وشبه جزيرة القرم، عبر تفخيخ دعائم الجسر من تحت الماء، وتعد هذه العملية صفعة مذله لموسكو، نظراً لإرتباطها بمكسب إستراتيجي، نجحت روسيا في تحقيقه قبل 11 عام، عبر السيطرة على جزيرة القرم في 2014.
وقبل هذا وذاك، فقد تعرض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال الفترة الماضية، لمحاولة إغتيال أثناء زيارته لمقاطعة كورسك التي تسيطر عليها القوات الروسية، وذلك عبر هجوم بواسطة 43 طائرة مسيرة على المروحية التي كانت تقل بوتين.
كما نجا الرئيس فلاديمير بوتين أيضاً قبل ذلك، من محاولة إغتيال نفذها نظام كييف، عبر طائرتين مسيرتين، استهدفت مقر إقامة الرئيس الروسي في الكرملين، كما تعرض بوتين لعدد آخر من محاولات الاغتيال.
وتلك العمليات النوعية، وتكتيك القيام بها، يجعلنا نرى أن سمعة أكبر دولة نووية في العالم على المحك، فـ غياب الردع وإستخدام القوة الغاشمة من قبل موسكو، جعل منها هدفا وصيداً سهلاً أمام أوكرانيا، التي شنت موسكو عليها عملية عسكرية موسعة قبل أكثر من 3 سنوات، من أجل صون الأمن القومي الروسي.
ولكن مع طول أمد العملية، وغياب الردع، و التهاون ووجود قصور من جانب موسكو، لم تحقق روسيا هدفها الاستراتيجي وهو صون الأمن القومي الروسي، بل أصبحت الأراضي الروسية هدف مباشر للعمليات الأوكرانية سواء كانت عسكرية أو نوعية.
وبالرغم من ذلك، فإن هناك سؤال يظل موضع نقاش، بالتزامن مع هذه الأحداث المتتالية على المشهد الروسي الأوكراني، وبعيداً عن مسئولية التقصير الروسي فيما حدث، يظهر تساؤل هل هناك أطراف غربية تقف وراء كل هذه العمليات الاستراتيجية التي نفذتها كييف، حيث أنه مهما بلغت قدرات أوكرانيا الإستخباراتية و التخطيطية لن تتمكن بمفردها من توجيه هذه الصفعات لهيبة موسكو.
ولعل ذلك يدفعنا إلى تساؤل آخر، هل تسعى القوى العالمية، لإشعال حرب عالمية ، من أجل تشكيل تحالفات العالم، وملامح العالم الجديد، وهذا ما سيتكشف خلال الفترة القادمة، من خلال التطورات المتتالية على الساحة الدولية.
وبين هذا وذاك، يبقى السؤال الأكثر إلحاحاً، هل ستصمت موسكو على وضع سمعتها العسكرية على المحك، وتكتفي بالعمليات العسكرية التي لا تثمن ولا تغني من جوع، أما ستنفذ عمليات نوعية خلال الفترة القادمة، تصل لأن تمحو كييف و نظامها من الخريطة العالمية.