مساحة إعلانية
هو الثائر بالكلمة وبالوزن والقافية والصارخ بالحق، لم يخش لومة لائم، ولا فراق حبيب.. وتمسك بالموقف الذي كان سببًا في رحيله عن دنيانا ليثبت لما أنه عاش ثابتًا على موقفه ولم يتبدل أو يتغير.. إنه الشاعر العبقري الفذ صلاح عبدالصبور.
كان صلاح عبدالصبور، سببًا رئيسيًا في إحياء المسرح الشعري، بعد رحيل أمير الشعراء أحمد شوقي، وقدم 13 مسرحية شعرية، وقدم معظمها تمثيلا على خشبة المسرح القومس أشهرها مسرحية "مأساة الحلاج"، الأميرة تنتظر، ليلى والمجنون، بعد أن يموت الملك، رحلة على الورق، كتابة على وجه الريح، مسافر ليل، كما قدم ترجمات لبعض المسرحيات العالمية منها سيد البنائين لإبسن، حفل كوكتيل لإليوت.
كما كانت دواوينه علامة مميزة في مسيرته، والبداية كانت عام 1957 بإصدار أول قصيدة شعرية له بعنوان "شنق زهران" ثم ستة دواوين شعرية: الناس فى بلادي، اقول لكم، أحلام الفارس القديم، تأملات فى زمن جريح، سجى الليل، الإبحار فى الذاكرة، وأخيرا أصدر ديوانه "عمر من الحب" وهو مقتبس من مجموعة دواوينه.
ستظل من كلماته الخالدة التي قالها شارحًا مدرسته في الوزن والقافية، ما قاله في كتابه "الشعر في حياتي": أنا لست شاعرا حزينا ولكني متألم من حال العالم، وعندي شهوة إصلاح العالم، ولا أملك أداة للإصلاح سوى الكلمة.
كان شديد الإخلاص لمبادئه، وهو ما كان سببًا في رحيله، إذ أنه ذات يوم جلس معه الشاعر أحمد عبد المعطى حجازي ومجموعة من الفنانين والأدباء، وتهكم عليه الرسام بهجت عثمان بكلمات قاسية، على إثر موافقة الدولة على مشاركة إسرائيل في معرض القاهرة الدولي للكتاب في ثمانينيات القرن الماضي، حينما كان "عبدالصبور" رئيسًا للهيئة العامة للكتاب، فلم يحتمل الكلام وأصيب بأزمة قلبية أودت بحياته.
والحقيقة أن صلاح عبدالصبور، قدم استقالته من رئاسة هيئة الكتاب إلا أنها لم تقبل، ومن هنا اتهمه البعض بالتخلي عن مبادئه، وعلى إثر أزمة التطبيع قرر الهجرة من مصر متعاقدا مع جامعة هارفارد للعمل أستاذا للأدب العربي، ولكن الموت لم يمهله الفرصة للسفر، على إثر واقعة الرسام بهجت عثمان.
اليوم تمر الذكرى 42 على رحيله.. وداعًا يا سيدنا الشاعر.