مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

الرأي الحر

صابر سكر يكتب : نائب بلا جذور.. تمثيل شكلي وبرلمان بلا ثقة

2025-10-14 12:36:15 - 
صابر سكر يكتب : نائب بلا جذور.. تمثيل شكلي وبرلمان بلا ثقة
صابر سكر
منبر

في مشهدٍ يعكس خللًا بنيويًا في منظومة التمثيل النيابي، تتكرّر ظاهرة ترشيح أفراد في دوائر انتخابية لا ينتمون إليها لا جغرافيًا ولا اجتماعيًا، بل لا يعرفهم فيها أحد. يُعاد إنتاج هذه الممارسة تحت عباءة "القوائم الحزبية" أو عبر نقل المرشحين بين المحافظات، فقط لضمان النجاح الانتخابي، دون أي ارتباط حقيقي بالمجتمع المحلي.

هذه الظاهرة تُفرغ العملية الديمقراطية من مضمونها، وتحوّل البرلمان من منبرٍ شعبي إلى قاعة تمثيل شكلي. فالنائب الذي يجهل مشاكل دائرته ولا تربطه بها أي علاقة، يفقد القدرة على تمثيل ناخبيه، ويغيب عنه الشعور بالمسؤولية، لينشغل في الغالب بمجاراة السلطة أو مجاملة المصالح.

ويزداد الأمر سوءًا حين تُستخدم نظم القوائم المغلقة والتحالفات الانتخابية لتوزيع المقاعد وفق حسابات حزبية مغلقة، بعيدًا عن الإرادة الشعبية. إذ يُفاجأ المواطنون بأسماء لا يعرفونها وقد فازت بأصوات ضخمة، دون أن تظهر لهم في أي نشاط أو حملة. وهنا يكمن الخطر الأكبر: تشويه الإرادة الشعبية، وتآكل الثقة في نزاهة الانتخابات، وجدوى المشاركة السياسية.

عندما يرى المواطن أن النتائج تُحسم مسبقًا داخل الغرف المغلقة، يتملكه شعور بالإقصاء، ويتعمّق لديه انطباع أن البرلمان لا يمثله، بل فُرض عليه فرضًا. وهو ما يُفرغ الحياة النيابية من مضمونها، ويعزّز النفور الشعبي من العملية السياسية برمتها.

إن غياب الانتماء الحقيقي للنائب ينعكس سلبًا على جودة التشريعات، والرقابة البرلمانية، ومستوى الخدمات المحلية. والنتيجة: برلمان بلا فعالية، ومواطن بلا ثقة.

ولتصحيح المسار، لا بد من مراجعة شروط الترشح، وتقييد الانتقال بين الدوائر، وضمان حدّ أدنى من الارتباط المجتمعي لكل مرشح. كما يتوجب إعادة النظر في نظام القوائم المغلقة، وضمان الشفافية داخل التحالفات الانتخابية، مع دعم وعي الناخبين بضرورة اختيار من يعرفونه ويثقون به.

فالديمقراطية لا تُبنى بالأسماء ولا تُحسم بالأرقام، بل تُصان بالانتماء، وتُحكم بالضمير، وتستقيم فقط حين يكون النائب صوتًا حقيقيًا لشعبه، لا مندوبًا عن مصالح لا يراها أحد.

مساحة إعلانية