مساحة إعلانية
بديع الزمان أبو الفضل أحمد بن الحسين الهمذانى التغلبى ، كاتب وأديب من أسرة عربية ذات مكانة علمية مرموقة ، استوطنت " همَذان " ، أما لقبه "بديع الزمان " فهو ما لقّبه به معاصروه إعجابا بأدبه ، و" أبو الفضل " ليس فارسى الأصل ، بل هو عربى مضرىّ تغلبىّ، عنى به أبوه ، فأخذه بالعلم والتعلم منذ صغره ، وألحقه بحلقات العلماء ، ولا سيما العالم " ابن فارس" ، وُلد بديع الزمان فى همذان فنُسب إليها ( كان مولده فى النصف الثانى من القرن العاشر الميلادى الموافق لنهاية العقد السادس من القرن الرابع الهجرى ) ، فقد عاش فى زمن الدولة العباسية ، وتعلم على يد الشاعر واللغوى والأديب " ابن فارس " ، انتقل بديع الزمان إلى "أصفهان "، فانضم إلى حلبة شعراء الصاحب بن عبّاد ، ثم يمّم شطر " جرجان " فأقام فى كنف أبى سعيد بن منصور ، وخالط أسرة من أعيانها ، فأخذ من علمها الشئ الكثير ، ثم رحل إلى " نيسابور " ، واتصل باللغوى الكبير والأديب ذائع الصيت أبى بكر الخوارزمى - قبل أن تقع بينهما قطيعة ، تلك القطيعة التى تسببت فى تهيئ مناظرة بينهما كان الفوز فيها لبديع الزمان ، وذلك بفضل سرعة خاطره ، وقوة بديهته، فزادت هذه الحادثة من ذيوع صيت بديع الزمان عند الملوك والرؤساء ، وفتحت له مجال الاتصال بالعديد من أعيان المدينة والتف حوله الكثير من طلاب العلم ، فأملى عليهم بأكثر من أربعمائة مقامة ( لم يبق منها سوى اثنتين وخمسين ) ، ولم تطل إقامة بديع الزمان فى " نيسابور " ، وغادرها متوجها نحو " سجستان " ، ثم غادرها صوب " غزنة " ، حيث عاش فى كنف السلطان محمود الغزنوى معززا مكرما ، وفى آخر المطاف ، حط بديع الزمان رحاله فى مدينة " هـرات " فاتخذها دار إقامة ، وصاهر أبا على الحسين الخشنامى - أحد أعيانها وسادتها - فتحسنت أحواله بفضل هذه المصاهرة ، وقد كانت الخاتمة ، ففيها لفظ أنفاسه الأخيرة فى عام 1007م ، (الموافق نهاية القرن الرابع الهجرى )
وقد تمكن بديع الزمان بفضل أصله العربى ، وموطنه الفارسى من امتلاك الثقافتين العربية والفارسية ، وتضلعه فى آدابهما ، فكان لغويا وأديبا وشاعرا ، وقد كان يفخر بأصله العربى ، إذ كتب فى إحدى رسائله (إسمى أحمد ، و "همذان " المولد ، و " تغلب " المورد "، و " مُضـر" المحتِـد") ، يُعتبر كتابه -الذى يُعرف اليوم بـ " مقامات بديع الزمان الهمذانى " - أشهر مؤلفاته ، والذى كان له الفضل فى وضع أُسُس هذا الفن وفتح بابه واسعا ، ليَلِجَه أدباء كثيرون -أتوا بعده - مثل أبى محمد قاسم الحريرى ، وفريد الدين العطار ، وسعدى الشيرازى
والمقامات عبارة عن مجموعة حكايات قصيرة متفاوتة الحجم ، جمعت بين النثر والشعر ، بطلها رجل وهمى يدعى " أبو الفتح الإسكندرانى -أو السكندرى - الذى عُرف بخداعه ومغامراته وفصاحته وقدرته على قرض الشعر ، وحسن تخلصه من المآزق ، إلى جانب أنه شخصية فكاهية نشطة تنتزع البسمة من الشفاه ، والضحكة من من الأعماق ، أما راوى مغامرات هذه الشخصية التى تثير العجب ، فهو رجل وهمى يُدعى "عيسى بن هشام "
ومن هذه المقامات : المقامة الغيلانية ، والمقامة البشرية ، والمقامة الجاحظية ، والمقامة الإبليسية ..!