مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

الرأي الحر

حول قمة جابالا لمنظمة الدول التركية بقلم: أحمد عبده طرابيك

2025-10-09 15:35:14 - 
حول قمة جابالا لمنظمة الدول التركية بقلم: أحمد عبده طرابيك
منبر

تظهر منظمة الدول التركية تطورًا كبيرًا في قدراتها على تحقيق النمو والسلام ليس في الدول الأعضاء والدول المراقبة وحسب بل في المنطقة الأوراسية بشكل عام. وتأتي القمة الثانية عشر لقادة الدول التركية التي عقدت في مركز حيدر علييف للمؤتمرات بمدينة جابالا الأذربيجانية العريقة. التي كانت عاصمة ألبانيا القوقازية، وامتدت جغرافياً على مساحة شاسعة، وتأسست في القرن الرابع قبل الميلاد واستمرت حتى القرن الثامن الميلادي. يومي 6، 7 أكتوبر 2025، تحت عنوان "السلام والأمن الإقليميين"، لتؤكد على قوة وفاعلية المنظمة في إدارة العديد من الملفات الاقتصادية والسياسية والأمنية والثقافية التي من شأنها تعزيز قدرات دول المنظمة في تحقيق السلام وإقامة مشروعات إقليمية عملاقة مثل المحور اللوجستي الذي يربط آسيا الوسطى وبحر قزوين عبر أذربيجان إلى تركيا ومنه إلى أوروبا بما يعزز الأهمية الاستراتيجية لدول المنظمة.

       شارك في القمة الثانية عشر لقادة الدول التركية رئيس جمهورية أذربيجان إلهام علييف، ورئيس الجمهورية التركية رجب طيب أردوغان، ورئيس جمهورية أوزبكستان شوكت ميرضيائيف، ورئيس جمهورية كازاخستان قاسم جومارت توقايف، ورئيس جمهورية قيرغيزستان صدر جباروف، ورئيس وزراء المجر فيكتور أوربان، ورئيس مجلس شعب تركمانستان قربان قولي بردي محمدوف، ورئيس جمهورية شمال قبرص التركية إرسين تتار، والأمين العام لمنظمة الدول التركية كوبانتشبيك عمرالييف، وقد ركزت القمة على تعزيز البنية المؤسسية لمنظمة الدول التركية والتعاون بين الدول الأعضاء، حيث تم اتخاذ قرار بإنشاء صيغة TDT Plus لتعزيز تعاون المنظمة مع الأطراف الثالثة.

      رحبت دول المنظمة بالاتفاق بين أذربيجان وأرمينيا لفتح ممرات اتصال تتيح التواصل دون عوائق بين البر الرئيسي لأذربيجان وجمهورية ناخيتشيوان الأذربيجانية ذاتية الحكم. وكذلك دعم الجهود الساعية لتفعيل إقامة ممر زانجازور وتنميته. والإلتزام باستخدام خط سكة حديد "باكو- تبليسي- قارص" بأقصى طاقته. مع التأكيد في الوقت ذاته على أهمية "الطريق الدولي العابر لبحر قزوين- الممر الأوسط بين الشرق والغرب"، وكذلك "سكة حديد الصين- قيرغيزستان- أوزبكستان" لتعزيز الترابط الإقليمي وتوسيع طرق التجارة بين آسيا وأوروبا.

     تأسست منظمة الدول التركية في 3 أكتوبر 2009، تحت مسمى مجلس تعاون الدول الناطقة بالتركية "المجلس التركي"، بعد توقيع اتفاقية ناخيتشيوان بين تركيا وأذربيجان وكازاخستان وقيرغيزستان. وفي قمة باكو عام 2019، أعلنت أوزبكستان انضمامها ليصبح عدد أعضاء المنظمة 5، إضافة إلى تركمانستان والمجر وجمهورية شمال قبرص التركية بصفة مراقب. وفي قمة إسطنبول عام 2021، تقرر تحويل اسمها من المجلس التركي إلى منظمة الدول التركية.

       القمم غير الرسمية لقادة المنظمة أصبحت تقليدًا مهمًا. فقد كان للقمة غير الرسمية الأولى التي عُقدت في شوشا عام 2024، وقمة بودابست 2025 أهمية كبيرة في إجراء مناقشات ومشاروات بين القادة حول مختلف القضايا التي تهم الدول الأعضاء، حيث تؤكد هذه القمم غير الرسمية من جديد أهمية على هذا المنبر على الصعيد الدولي. حيث يكمن الهدف الاستراتيجي الرئيسي للدول التركية في ضمان الأمن والاستقرار في المنطقة. وذلك بالنظر إلى العمليات الجيوسياسية الجارية في العالم، يبدو أن الاستقرار في المنطقة مهم للغاية.

     ناقش قادة منظمة الدول التركية تعميق الحوار السياسي وتعزيز التكامل الاقتصادي ودفع أمن النقل والطاقة وضرورة العمل المشترك ضد التحديات الإقليمية والعالمية. وتعزيز التضامن والثقة المتبادلة في العالم التركي والالتزام بمبادئ السيادة والاستقلال. كما أبرز دور المنظمة "كمنصة بنّاءة" في تعزيز السلام الإقليمي وأهمية العمل المشترك لمواجهة تحديات مثل التضليل الإعلامي والتهديدات السيبرانية وتغير المناخ. وقد تضمن إعلان جابالا عدد من الوثائق التي من شأنها تعزيز وترسيخ القواعد المؤسسية لمنظمة الدول التركية وتوسيع نطاق التعاون بين الدول الأعضاء والدول المراقبة في القطاع الثقافي، الذي له تأثير كبير على وحدة شعوب الدول التركية وتقاربها. حيث تم اتخاذ عدد من القرارات، أهمها: تعديل المادتين الأولى والرابعة من النظام الداخلي للأكاديمية التركية. ومنح تركمانستان صفة مراقب في الأكاديمية التركية، وصفة مراقب في مؤسسة الثقافة والتراث التركي. وميزانية أمانة الأكاديمية التركية لعام 2026 من خلال محضر اجتماع مجلس وزراء الخارجية. والتقرير المالي لأمانة الأكاديمية التركية لعام 2024 من خلال محضر اجتماع مجلس وزراء الخارجية. وميزانية الأكاديمية التركية لعام 2026 من خلال محضر اجتماع مجلس وزراء الخارجية. وكذلك الموافقة على ميزانية مؤسسة الثقافة والتراث التركي لعام 2026 من خلال محضر اجتماع مجلس وزراء الخارجية.

      لم تعد منظمة الدول التركية مجرد منصة تعاون، بل أصبحت مركزًا جيوسياسيًا مهمًا. خاصة مع تنامي المكانة الدولية للمنظمة. في ظل الجذور التاريخية والعرقية المشتركة، والقيم الوطنية والروحية المشتركة التي تجمع الشعوب التركية وتوحدها كعائلة واحدة. فالاستقرار السياسي والاقتصادي الداخلي، والموقع الجيواستراتيجي المهم، والتركيبة السكانية الإيجابية، والسكان الشباب، والفرص الواعدة في قطاعي النقل والخدمات اللوجستية، والموارد الطبيعية، بالإضافة إلى الإمكانات المتنامية في المجالين العسكري والتقني، تجعل منظمة الدول التركية لاعبًا مهمًا على الساحة الدولية.

 

 

 

مساحة إعلانية