مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

المبدعون

الشاعر والباحث / عبد الستار سليم :رصد بعض ظواهر التّقْفية في فن الواو

2024-11-17 02:46:52 - 
الشاعر والباحث / عبد الستار سليم :رصد بعض ظواهر التّقْفية في فن الواو
الشاعر والباحث عبد الستار سليم
منبر

عندما تم رصد  القوافى فى مربعات "فن الواو" ، تم رصد بعض الاختلاف فى طريقة التقفية ،  هذا بخلاف  أنه قد يكون المربع " مقفولًا "، أى بجناس تام  مُغرق فى محليّته ، أى تستغلق قوافيه على المتلقى من غير أبناء منطقته ، التى نشأ فيها هذا الفن ، مثل 
(خُبُر مِ الـتّــُجُر مِ الرّوماتــوا 
فى يوم سَـبِـت بعـدُه جِـماعة 
مَـرّوا عـلى عِـدّ   مُرّو ماتــوا 
مرّوماتــوا  في   جِــماعـــة )
وهذا يحتاج إلى تظهير ، أو  بيان معانى ألفاظه ، فالقوال يقصد أن يقول إن هناك " مجموعة من التجار الخبراء بالطريق  من بلاد الروم أتوا ، فى يوم سبت ، أى بعد الجُمعة ، مروا على جُـبّ - بئر مهجور- فى الصحراء ، ماؤه مُـرّ، أى مالح وآسِـن ، هذا البئر - فى ذات مرة - ماتوا فيه جماعة "
  وقد يكون الجناس شائعا عند المتلقى ، فيسهم ذلك فى عدم وجود اللبس عند ذلك المتلقى ، مثل 
(مسكين مِـن يطــبُـخ الـفاس 
 ويريد مَـــرَق مِـن حــديــدُه 
 مسكين من يصحب الناس 
 ويريــــد مِن  لا   يــريــــدُه)
*
وهنا القوّال ينفى إمكان أن نحصل على المَرَق -  مرق اللحمة - عندما نطبخ الفأس الحديدية ..!
كما أنه  قد تكون التقفية بحرف واحد ، (كما هو الحال فى القصيدة العربية التقليدية ، ، ويسمى هذا الحرف بـ "حرف الرّوىّ " ، لذا يقال للقصيدة ، التى تقول 
(كيف ترقى رقـيّـك الأنبـــياءُ 
 يا سماءً ما طاولتها سماءُ)
بـ "همزية شوقى" ، لأن أبياتها  تنتهى بالهمزة 
 ويقال لقصيدة البوصيرى 
(أمِن تذكّر جــيران بِــذى سَــلَـمِ
مزجْتَ دمعاً  جرى من مقلة بِـدَمِ ) 
بأنها "ميمية البوصيرى"
لأن أبياتها تنتهى بحرف واحد هو الميم..! )
وفى "فن الواو" نجد مربعا يقول 

(كيد النِّـسا يشبه الكىّ
من مكرهم عُـــدْت هارب 
يتحزّموا بالحَـنَـش حَـىّ
ويتعصّــبوا   بالعقارب )
فهنا تقفية الصدر ( الشطر الأول ، والشطر الثالث ) بحرف واحد ،  هو الياء المشدّدة 
 وقد تكون التقفية  بأكثر من حرف ، أى بجزء من كلمة ، أو بكلمة ، وليس بحرف واحد ، مثل 
(أَسَلِّم ع النبى الزين 
العضْم   بطّل صَلاية 
قوم  يا   بِـلال  يَــذّين
يابو بكر قِـيم الصّلاية )

فهنا (صلاية ) و ( الصلاية ) نفس الكلمة ، لكن الأولى معهناها  (صليل الألم فى الجسم ) ، والثانية معناها (فريضة الصلاة )
وهذا هو الجناس الكامل أو التام 

وقد تكون التقفية ، بكلمة وجزء من كلمة أخرى ، مثـلما يقول صاحب هذا المقال 
( عينى رأت سِرْب غِـزلان 
 فيهم غـــزالة شــــريــدة 
 والقلـب لـمـّا اتْـنَـغـز لان 
شاور  وقال لى شاريــدة)
هنا قافية الشطر الأول هى (غِـزلان ) ، وقافية الشطر الثالث هى جزء من كلمة ( اتنغز، وهو المقطع  "غز") مع كلمة (لان ) ، لتصبح (غزلان ) أيضا
وقد تتشاكل المقاطع - مع تباينها - من الكلمات المختارة للقوافى ، لتكوين الجناس ، مثل 
(طبيب   الطبابا   أسالْمان 
والعــقل   مِـنّى    جـنـايــن 
شوف صَقْع طوبة أسالـمان 
تلَـــــف تَـمْـرها والجــــناين )
 هنا ، فى الشطر الأول (أسالمان) ، بمعنى (أسأل مَن؟)
وفى الشطر الثالث (أسالمان ) بمعنى أسال مَـنّ) ، والمنّ هو الندَى الحِمْضى ، الذى ينزل على الزروع ، فى شهر طوبة - وهو أبرد شهور الشتاء -  فيحرق الثمار والزرع 

و قد يلجأ القوال إلى  لَىّ  أذرع وأعناق الكلمات ، ليصنع الجناس الذى يريده ، فيقول 
  (مالك يا دنيا   كمَـنْــتِى   
وخلَطْـتى سَـمْـنِـك  بجايِــز 
خلّيتى الأسودة  كمانْــتِـى
 وِيــش تِـعْـمِلى فينا جايز)

هنا ، قال مخاطبا الدنيا ( وخلطتى سمنِك بجايز )
يقصد خلطت السمن بالجاز ، والجاز هو "الكيروسين "
الذى يستخدم فى "اللمبة الجاز " ، فغيّر بِـنْـيِــة  الكلمة ، 
 وكذلك ( كمنتى ) من الكمون والترصّد ، وأما (كمانتى )
فهى مكونة من كلمتين  (كما) للتشبيه بمعنى مثل ، و  (نْـتى) جمع (نِـتاية ) والنتاية يقصد بها الأنثى ، أى غيّرت  جنس الأسودة  
وكثيرا ما يلجأ القوّال  إلى التقطيع والاتصال بين الكلمات 
 مثل
(زمــان كُــنّــا عَـــرَبْــهُــم 
 نِحْمُوا فْ جَبَـانَا الهَــزالَا
واليوم صاروا عــــربْ هُــم 
واحْـــنَـا حــدَاهُـــم نَــزالَا)
*
والاستشهاد هنا فى كلمة (عربهم) وهذه - لغويا - تتكون من مضاف ومضاف إليه ، هو يقصد كنا (أسيادهم ) ، والكلمة الثانية ( عرب .. هم ) أى هم أصبحوا ( عرب ) يقصد ( هم صاروا أسياد)
ولأن النطق ، وتغيرالنبْـر على مقاطع نفس الكلمة يتسبب فى حدوث اللبس ، فإن إتقان اللهجة ، يصبح من ضرورات الفن الشفهى كالشعر ، لذا فإن "فن الواو" يحلو مسموعا من أهله ، مثلما نقول 
(يا طبـــيب نادِى عايــزْ مِــين 
 معاىْ جَرْح فى القلب واطِــن
كلام العــــوازِل عا  يـزْمِــــيـن 
 يعــــمِل أذَى فِــى الـــبواطِن)
*
( عايز  مين ) ، و ( عا  يـز مين ) ، الأولى بمعنى (تريد مين ) ، والثانية بمعن ( بيزْمِن ،أى بيدوس على الجرح فيتسبب بإدمائه بعد أن كاد يبرأ)
ومن عيوب القافية ، أحيانا هناك عدم تطابق القوافى  ، مثل
( انااوْصِف ْ فى زينة الطول 
 أمّ يــــدّ  مَـــلْـــو  السّــوارة 
عليها   خَـرْطــة    بخرطــوم 
قليل وصْفها   فى    العذارَا)
فهنا لم تتطابق قافيتا الشطرين الثالث والأول .. وأنا أعتقد أن هذا من تجاوزات الحفظة والرواة ، فقد يكون الراوى لم يسمع جيدا من القوّال  ، أو أنه نسى فوضع كلمة من عنده 

مساحة إعلانية