مساحة إعلانية
في مشهدٍ نادر يجمع السياسة بالأمن والسياحة، جاءت كلمات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال قمة السلام حول غزة في شرم الشيخ لتشكل شهادة عالمية من العيار الثقيل لصالح الأمن المصري، حين أكد — أمام عدسات الإعلام الدولي — أن مصر "من أقل دول العالم في معدلات الجريمة"، مشيداً بصرامة سياساتها الأمنية وقدرتها على الحفاظ على الاستقرار.
قال ترامب في كلمته المشتركة مع الرئيس عبد الفتاح السيسي:
"لقد قاموا (المصريون) بعمل رائع.. لديهم نسبة جريمة منخفضة جدًا، لأنهم لا يتعاملون مع الأمور باستهتار كما نفعل نحن في الولايات المتحدة".
ولم يكتف ترامب بذلك، بل أعاد الإشادة بمصر في طريق عودته إلى واشنطن، قائلاً:
"إنهم أقوياء جدًا، ليس لديهم جرائم عنيفة مثلنا... يمكنك أن تمشي في الحدائق بمصر دون أن تُسرق أو تُضرب على رأسك بمضرب بيسبول".
هذه الشهادة الموثقة صوتاً وصورة، والتي جاءت على لسان رئيس الولايات المتحدة أمام قادة العالم، تُعدّ وثيقة مجانية للأمن المصري، لم تدفع فيها الدولة دولارًا واحدًا، ومع ذلك فإنها تساوي ملايين الدولارات من حيث القيمة الدعائية والتسويقية لو أُحسن استغلالها.
• الأمن المصري.. واقع ملموس رغم التحديات
المفارقة أن مصر - رغم ما تواجهه من تحديات اقتصادية وارتفاع أسعار المعيشة - ما زالت من أكثر دول العالم أمانًا، بفضل يقظة أجهزتها الأمنية وطبيعة شعبها المتسامحة المتصالحة مع الحياة.
فالمصري، بطبعه، قنوع وطيب ومسالم، يرضى بما قسمه الله له، ويرى في الرزق بركة لا تُنال بالعنف ولا بالتحايل.
هذه القيم المتجذرة في المجتمع هي التي صنعت هذا الأمان الداخلي، وجعلت الزائر يشعر بالطمأنينة، مهما كان مصدره أو ثقافته.
• شهادة ترامب.. كنز سياحي مهدر!
من المفترض أن تسارع وزارة السياحة والآثار والهيئة المصرية العامة للتنشيط السياحي والهيئة العامة للاستعلامات إلى توظيف شهادة ترامب فوراً في حملات الترويج لمصر بالخارج، ولا سيما في الولايات المتحدة الأمريكية، التي كانت ميدان المقارنة في حديث الرئيس الأمريكي.
هذه شهادة دعائية عالمية جاهزة لا تحتاج إلا إلى القليل من الذكاء الإعلامي والتسويقي، لتصبح ركيزة في استراتيجية الترويج السياحي:
مصر ليست فقط أرض الحضارة، بل أيضًا أكثر أمانًا من دولٍ كبرى بشهادة رئيسها نفسه!
لكن، وكما هي العادة، تمر مثل هذه الفرص الذهبية مرور الكرام دون استغلال أو متابعة أو حتى بيان رسمي يشير إليها.
• من ماكرون إلى ترامب.. والنتيجة واحدة!
ما أشبه اليوم بالأمس! .. فقد سبق للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن جاب شوارع الأزهر الشريف والحسين وخان الخليلي، مع الرئيس عبد الفتاح السيسى ، وسط ترحيب شعبي واهتمام إعلامي عالمي.
كانت تلك الزيارة مادة ترويجية مثالية للأسواق الفرانكفونية، ولكنها - للأسف - ضاعت مثل كثير من الفرص التي تهبنا إياها الصدفة ولا نحسن استثمارها.
واليوم، مع اقتراب افتتاح المتحف المصري الكبير في الأول من نوفمبر المقبل، وهو الحدث الثقافي الأكبر في العالم، تبرز الحاجة إلى حملة دعائية ضخمة تستثمر شهادة ترامب وتربطها بصورة مصر الجديدة، الآمنة، المزدهرة، القادرة على استقبال العالم كله بثقة وفخر.
• يا قلبي لا تحزن...
نحن لا نفتقر إلى الفرص، بل إلى من يدرك قيمتها ويحوّلها إلى مكاسب حقيقية.
بين زيارة ماكرون وشهادة ترامب، ضاعت رسائل إيجابية كان يمكن أن تغيّر صورة المقصد المصري في عيون الملايين ، وتكون تاثثرها كبيراً على حركة السياحة الوافدة لمصر ونحقق معدلات غير مسبوقة .
ويبقى الأمل أن يأتي اليوم الذي تتعامل فيه وزارة السياحة والآثار بعقلية تسويقية محترفة، تدرك أن الأمن المصري ليس مجرد واقع نعيشه، بل قصة نجاح تستحق أن تُروى للعالم أجمع .
إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله العلي العظيم، عليه توكلتُ وإليه أنيب، وعلى الله العلي القدير قصد السبيل.
كاتب المقال
سعيد جمال الدين سرحان
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير لبوابة المحروسة الإخبارية " المحروسة نيوز "
عضو الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين
مؤسس ورئيس شعبة الصحافة السياحين بنقابة الصحفيين
عضو جمعية الكتاب السياحيين المصريين
عضو جمعية كتاب البيئة والتنمية
الأمين العام للمنتدى العالمى لخبراء السياحة والسفر
الأمين العام لصالون الرواد الثقافي بنقابة الصحفيين