مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

الرأي الحر

الشاعر الدكتور مصطفى رجب يكتب:خرجت تطلب ثأر أبيها فرجعت حبلى !

2025-06-28 18:05:32 - 
الشاعر الدكتور مصطفى رجب يكتب:خرجت تطلب ثأر أبيها فرجعت حبلى !
الشاعر الدكتور مصطفي رجب
منبر

نرى في هذه الأيام طوائف من الأكاديميين العرب ، شاءت لهم أقدارهم أن يتلقوا العلم في البلدان الأمريكية ، فهالهم ما رأوا فيها من حرية علمية ، ودعم مالي مفتوح ، وتسهيلات جامعية في الخدمات البحثية، كما انبهروا بما عايشوا من يسر في المعاملات خارج أسوار الجامعات ، فوسائل الاتصالات ميسورة ، ووسائل النقل منضبطة ومتاحة ، وحرية التعبير مكفولة بلا حدود ولا قيود .
كل ذلك جعل هؤلاء النفر الذين أذلهم فقرٌ قديم ، وجوعٌ عظيم ، الخارجين من بلاد القهر والتزييف والكذب العلني اليومي في الإعلام وعلى ألسنة المسؤولين ، بين نارين : نار التضحية بالوطن ، والتنعم بما في بلاد العم سام من نعيم ونعم ، ونار العودة إلى جحيم الكذب والتزوير وخنق الحريات والتضييق على الجامعات ، وتدني الأجور ، وانعدام التقدير الاجتماعي ، مقابل الإفراط في هذا التقدير للفنانين ولاعبي الكرة ، والراقصين والراقصات .!!
أما من اختاروا البقاء في نعيم الغرب ، فلم ينجوا من تأنيب الضمير الكامن ، فهم يطلون علينا من على الشاشات بوجوه شاحبة ، وأفكار مهتزة ، وعقول مضطربة ، تنظر إلى عيونهم فتراها تدور في محاجرها كأنها في سباق محموم مع كلماتهم المعجونة بالكذب والتزين الفج الذي يشبه ما يكون على وجه القرويات الريفيات الساذجات حين يستعملن الماكياج لأول مرة !! وهن في طريقهن للبندر لأول مرة أيضا .
ويصطنع هؤلاء الرافلون في نعيم العم سام الحكمة حين يتحدثون بأطراف أنوفهم ناصحين الأمة العربية أن تثور وتفور وتغير أثواب التخلف والعبودية وتركض لتلحق بهم في جنات تجري من تحتها خطوط مترو الأنفاق .!!
وأما الذين عادوا واختاروا العمل في أوطانهم فهم أشد حيرة واضطرابا ، فمنهم من يحدثك عما كان تركه من جنات وعيون ، وزروع ومقام أمين، وتكنولوجيا كان فيها من المتمتعين ، وهاهوذا قد عاد فلم يأنس من القوم تقديرا لما قام به من تضحية ، ولم يجد في جامعته وكليته وقسمه العلمي ما كان يحلم به من رعاية واهتمام .!!
على أنك تعاني الأمرين إذا قدر لك أن تحاور أيا من الفريقين ، فكلاهما لا يرى فيما تقول إلا تخلفا وجهلا ، ولا يرى في البحث العلمي في الجامعات العربية إلا تدنيا وانحطاطا ، فإن حدثته عن بريطانيا أو فرنسا أو ألمانيا ، وكان لك ببحوثها ودورياتها معرفة واتصال ، أطرق إطراقة العجز عن الحوار، وسكت سكوت المرأة التي خرجت تطلب ثأر أبيها فرجعت حبلى !!
وذلك لأنه لا يستطيع أن يقول في تلك الدول الثلاث ما يسوغ له أن يقوله في بلاد العرب ، ولا يحب أن يعترف أن تلك الدول الثلاث أعرق من جنته المزعومة ، وأشد التزاما بالمبادئ والأخلاقبات الإنسانية الرفيعة ، وأرق نفوسا وقلوبا وأنظف عقولا من سادته .
ولو أنك سبرت ما في عقول أولئك المنبهرين من علم حقيقي ، لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا ، فالقوم على ما يتظاهرون به من تعالٍ وغطرسة ، وعلى ما في عباراتهم من تأففٍ وحذلقة ، وعلى ما في حركات أيديهم من رعشة وعصبية ، لا طاقة لهم بحوار ، ولا قدرة لهم على طويل نقاش ، ولا دربة لديهم على المحاجة ، ومدافعة الرأي بالرأي ، ذلك أنهم ليسوا على شيء البتة ،
فغاية ما تعلموه هو تسفيه غير الموالين لهم ، والتشدق يما لديهم من مظاهر االتقنيات الحديثة ، وبعض آليات البحث المميكنة ، ولو جردت أحدهم من جهازه المحمول لألقى إليك السلم توا ، ولآثر أن ينسحب من أي حوار ، لأن الرؤوس فارغة ، والعقول الألكترونية حلت محل العقول البشرية إلى أجل غير مسمى . !!
وعبدة العم سام يتخلقون بأخلاقه ، فلا يعرفون إلا لغة المكسب والخسارة ، ويعبدون المال عبادة العابد المتيم بمعبوده ، وتفوح البراجماتية من سلوكياتهم وأحاديثهم فتغطي كل ما يقولون وما يفعلون ، وتلون كل ما يكتبون وما يرسمون ، والبراجماتية النفعية الوصولية الانتهازية هي عندهم أم الفلسفات ، وغاية الغايات ، والحق المبين الذي لا يدانيه حق ، والمنطق الصائب الذي لا يعتوره شك ، ولا يلحقه اعوجاج ، ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ولا من يمينه ولا من شماله.
ولسائل أن يسأل : فيم يختلف عبدة العم سام ، الطوافون ليل نهار حول بيته الأبيض، أو سفاراته المميكنة ، عن أسلافهم من عبدة اللات والعزى ومناة الثالثة ، ويغوث ويعوق ونسر ؟
نعم . هناك خلاف فبعض عبدة العم سام يشهدون ألا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، ولكن شهادتهم هذه ليست من الشهادات المعتمدة من جامعات العم سام ، لذلك فهم يخافتون بها ، ويتعاملون معها على أنها نوع من " الفولكلور " لأن النافع والضار والمعطي والمانع والمبدئ والمعيد والقوي والقادر – في نظرهم المنهجي الأكاديمي !!!- هو العم سام وحده لا شريك له
فهم ، وإن حملوا أسماء إسلامية أو مسيحية ، منبتو الصلة بما سافروا به من عقيدة ، ومنبتو الإيمان بما ينطقون به من شهادات ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .

مساحة إعلانية