مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

الرأي الحر

ياسر القاضي يكتب: حاول تفهم (وماذا بعد يا عرب؟)

2025-09-17 09:03:38 - 
ياسر القاضي يكتب: حاول تفهم (وماذا بعد يا عرب؟)
ياسر القاضي
منبر

ها هو “النتن ياهو” يخرجها جهاراً نهاراً، بلا استحياء ولا خشية من لومة لائم، معلناً مشروعه المشؤوم الممتد “من النيل إلي الفرات”. لم يعد يُخفي أطماعه، ولم يعد يتواري خلف عبارات سياسية منمقة أو شعارات براقة عن “السلام” و”التعايش”. لقد قالها صريحة: الأرض لنا، والماء لنا، والتاريخ لنا، وكأننا نحن –العرب– مجرد ظلال عابرة علي مسرحه الكبير.
لم يكن ظهور الخريطة المزعومة من “النيل إلي الفرات” علي منبر نتنياهو مجرد خطأ بروتوكولي أو حماسة سياسية زائدة، بل كان بالون اختبار مقصودًا، أراد به رئيس حكومة الاحتلال أن يضع العرب جميعًا أمام مرآة الضعف والتشتت، في لحظة استعراضٍ محسوبة، أخرج نتنياهو ما أسماه “حلم إسرائيل التاريخي”، وهو ليس جديدًا في العقل الصهيوني؛ فقد تردّد منذ نشأة المشروع الاستيطاني، لكنه هذه المرة خرج للعلن بلا مواربة، بلا خوف من لسانٍ عربيٍّ يحتج، أو سيفٍ مشرقيٍّ يهدّد.
الخريطة التي تتسع علي الورق لتبتلع أقطارًا عربية بكاملها، ليست إلا رسالة إلي الداخل الإسرائيلي قبل أن تكون موجهة إلي العرب. أراد نتنياهو أن يقول لشعبه: “ها أنا أستعيد الحلم الذي صنع آباؤكم، وأجرّبه علي مسامع العرب لأري من يهتز ومن يصمت”.
لكن الأخطر في المشهد لم يكن الخريطة ذاتها، بل صمت العواصم، وفتور الشارع، وتراخي الأقلام. لم نرَ إلا همسًا متفرقًا، وكأن الخرائط لا تغيّر الجغرافيا، أو كأن الأوطان لا تُسرق بالتصريحات ثم تُرسّخ بالأمر الواقع.
لقد أثبت نتنياهو بهذه الخطوة أن معركته الحقيقية لم تعد مع الحكومات، بل مع الشعوب. فهو يختبر: هل بقي في الأمة من يغضب لحلمٍ يهدد حاضرها ومستقبلها؟ هل بقي وعيٌ يستشعر خطورة ما يُرسم في الخفاء ويُعلن في العلن؟
إنها ليست خريطة علي ورق، بل إنذار أخير بأن المشروع الصهيوني لا يزال علي قيد الحياة، وأنه كلما غابت الوحدة ونامت الإرادة، اتسعت رقعة الطموح الإسرائيلي.
فهل يبقي العرب أسري الصمت، أم يحولون الخريطة إلي وثيقة إدانة تاريخية تكشف أطماع الاحتلال أمام العالم؟
hyasser10@yahoo.com

مساحة إعلانية