مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

قضايانا

إيمان بدر تكتب .. ٣ عوامل رئيسية تحدد مدى نجاح زيارة ترامب إلى دول الخليج

2025-05-16 21:28:56 -  تحديث:  2025-05-16 21:53:43 - 
إيمان بدر تكتب  .. ٣ عوامل رئيسية تحدد مدى نجاح زيارة ترامب إلى دول الخليج
الامير محمد بن سلمان وترامب
منبر

-  الاستثمارات وحدها لا تكفي وسيد البيت الأبيض يبحث عن إنجاز يدخله التاريخ وأباطرة النفط يتطلعون إلى صناعة التاريخ نفسه.

- أبرزها البرنامج النووي المدنى للسعودية والقدرة الإماراتية في مجال الذكاء الاصطناعي ومنح ضمانات ضد الأطماع الإيرانية.

هل نجحت جولة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التى زار خلالها السعودية وقطر والإمارات في تحقيق أهدافها، ولأن الرجل كما يعلم الجميع تاجر شاطر يمكن أن يكون السؤال الأكثر واقعية عن حجم الاستثمارات الخليجية التى استطاع أن يتعاقد على جلبها لبلاده، وبصيغة أبسط ( عاد الرئيس العفيجى إلى البيت الأبيض محملاً بكم تريليون من الدولارات)، إذا كان قد جاء لإبرام اتفاقيات شراكة ضخمة وعقد صفقات لا تقتصر على السلاح فقط ولكن تتجه إلى تخفيض أسعار النفط والغاز الطبيعي من ناحية، والابتعاد عن التبادل التجاري مع الصين من ناحية أخرى، فإلى أى مدى سوف تلتزم دول الخليج بهذه الأمور إذا كانت السعودية نفسها زميلة للصين ضمن مجموعة البريكس التى يعاديها ترامب ويتوعدها حال إصدار عملة جديدة لكبح قفزات الدولار، وماهو المقابل الذى ستحصل عليه الرياض وأبو ظبى تحديداً من وراء هذه التفاهمات مع أمريكا، وهل يمكن أن تتحول السعودية والإمارات إلى النموذج القطرى المتوافق دائما مع واشنطن.

الإجابة عن هذه التساؤلات تتضح من رفض السعودية إعلان التطبيع مع إسرائيل حتى كتابة هذه السطور، ناهيك عن تطلعات بن سلمان إلى دخول عصر الطاقة النووية السلمية والاستخدام المدنى لها بالتوازي مع طموحات بن زايد المتجهة إلى الذكاء الاصطناعي واستيراد الرقائق الإلكترونية الأمريكية بتسهيلات تتيح للدولة الثرية أن تضاعف ثرواتها من مصادر بعيدة عن النفط والمحروقات التى مازالت الولايات المتحدة الأمريكية تدور في فلك تخفيض أسعارها.

وعلى جانب آخر إذا كانت الزيارة قد نجحت في رفع العقوبات على سوريا وهو أمر متوقع ولم يكن بحاجة إلى وساطة لأنه لا يخفى على أحد الرضا الأمريكي على نظام أحمد الشرع، والرضا الخليجي عن كل من يخالف ويعارض بل ونجح في إسقاط نظام بشار الأسد الموالى لإيران، لتبرز علامات استفهام حول الطمأنات التى منحها ترامب لدول الخليج خاصةً السعودية والإمارات في مواجهة احتمالات التحرشات الإيرانية، والتى بالرغم من ضعف احتمالات حدوثها بعد تقليم أظافر إيران وخاصة بعد عقد اتفاقية ترامب مع جماعة الحوثيين في اليمن، بات واضحاً أنه قادر على تأمين الحدود الجنوبية للمملكة بما يغنيها عن تبادل الضربات مع جماعة الحوثي، في ظل المصير المجهول لما كان يسمى عاصفة الحزم وما اشتمتلت عليه من حرب جوية بين السعودية والجماعة الحوثية الموالية لإيران، أو بالأدق التى تخلت عنها طهران مؤخراً لتنال الرضا الترامباوى.

وإذا كانت أزمة إيران مع أمريكا تدور حول مشروعها النووي، فإن السعودية هى الأخرى تتطلع لبناء قدرتها النووية السلمية ومدى نجاحها في تحقيق هذا الحلم يتوازى مع نجاح الإمارات في إنجاز قدرتها علي استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وفى حالة اتخاذ خطوات جادة نحو تحقيق تلك النوعية من الأهداف يمكن الحكم على مدى نجاح الزيارة أو بالأدق ماذا قدم ( ترامب) للدول مقابل حفنة الأموال التريليونية التى عاد محملاً بها إلى بلاده.

وبعيدا عن الاقتصاد والطموحات المرتبطة بالاستثمار في مجال الطاقة سواء النووية المتجددة أو المحروقات الاحفورية، تبقى القضية الفلسطينية هى محور نجاح أى رئيس أمريكى وبوابة أى زعيم من زعماء العالم لدخول التاريخ من أوسع أبوابه، ومثلما دخله من قبل الراحلين ياسر عرفات واسحاق رابين بوساطة مصرية أمريكية، يتطلع ( ترامب) إلى أن يكون الرئيس الذي أوقف نزيف الدماء وحولها إلى مليارات الدولارات ومئات المشروعات، فمازال يتطلع إلى مشروع تحويل قطاع غزة إلى منتجع سياحي عالمى، وهو ما يعيدنا إلى سيناريو تهجير الفلسطينيين قسراً أو طوعاً، ويعيد إلى الأذهان الحديث عن صفقة قرن لا نقول جديدة ولكن تحمل نفس المحتوى مغلف بعبارات براقة، من نوعية أنه رجل يصنع السلام ولا يريد مزيداً من الحروب وفي عهده توقفت الصراعات وتحولت إلى مكاسب ونجاحات، وإذا كان هذا هو حلم رجل ينتمى إلى الحزب الجمهوري المعروف عنه تاريخياً أنه يصنع الحروب، فلعله يريد أن يكون مختلفاً عن كل من سبقوه، علما بأن الرئيس الأمريكي لو استطاع أن يكبح جماح صديقه الصهيوني بنيامين نتنياهو ويوقف الحرب على غزة، فسوف يتعامل معه المحللون وخاصة المعارضة الأمريكية على أنه ( مجابش الديب من ديله) لأن الحرب انهكت اقتصاد إسرائيل المترنح وكان من الطبيعي أن تنتهى مع انتهاء حركة حماس على الأرض وتداعى النظام الإيراني الداعم لها، ومن ثم كانت الحرب في كل الأحوال سوف تنتهي بوساطة ترامب أو بغيره وربما بدون وساطة وبخضوع نتنياهو نفسه للتظاهرات الغاضبة داخل إسرائيل والتى تطالب الحكومة الصهيونية ليس فقط بإنهاء الحرب ولكن بالرحيل عن مقاعدها بل والمثول أمام المحاكمة.

وبنظرة حيادية نجد أن ترامب الرجل الثمانينى الذي يحلم بدخول التاريخ، قد تفوق عليه المحمدان العربيان بن زايد وبن سلمان حيث أثبت كلا منهما أنهما قادران على صناعة التاريخ نفسه، بعد أن تغيرت ملامح الدول العربية الخليجية ولم تعد مجرد آبار تدفق النفط والغاز الطبيعي، ولكنها أصبحت مراكز للتجارة العالمية والصناعات التكنولوجية الغير تقليدية بل ومنارات للفنون والفكر والثقافة الراقية.

مساحة إعلانية