مساحة إعلانية
الطبيعة غاضبة ؟!! فيرد أحدهم: لأ ده ربنا هو اللى غضبان على الناس، فيتدخل آخر: دى علامات القيامة ونهاية العالم، فيشدد ثالث: لأ دى التغيرات المناخية بسبب الاحتباس الحراري والانبعاثات الكربونية، فيعترض أكثرهم ثقافة: وايه علاقة الزلازل بالتغيرات المناخية دى طالعة من باطن الأرض مش نازلة من الفضاء الجوى.
ما بين هؤلاء أولئك اتذكر قبل ما يقرب من ربع قرن فى أوائل الألفية الحالية حينما واجهت الكرة الأرضية غضبة الطبيعة المدمرة التى سميت وقتها تسونامي، خرجت علينا بعض التقارير تؤكد على أن تسونامي قادم إلى المنطقة العربية، وحين تعرضت تركيا وسوريا لزلزال شديد قبيل شهور قليلة قيل إن حزام الزلازل يتزحزح متجهاً إلى المنطقة العربية وشمال أفريقيا، ومؤخراً تعرضت المغرب لزلزال شديد القوة بالتزامن مع إعصار دانيال الذى اجتاح ليبيا وجاءت توابعه إلى الإسكندرية والقاهرة، وقبيل ذلك بساعات شهدت العراق هزات أرضية كانت أقل حدة فلم يلتفت لها الكثيرون، لكن تجميع الأحداث يطرح تساؤلات حول حقيقة اقتراب الساعة وفناء البشرية بشكل عام أو ربما اختفاء المنطقة العربية وشمال أفريقيا تحديداً لكونها الأكثر عرضة للتداعيات السلبية للتغيرات المناخية والأقل قدرة على التعامل مع هذه الظواهر العنيفة والتحوط بالعلم والتقنيات الحديثة بسبب الفقر وقلة الإمكانيات.
ويجيب علماء الجيولوجيا عن هذه التساؤلات موضحين أنه لا توجد علاقة بين زلزال المغرب واعصار ليبيا لأن الإعصار حدث في البحر المتوسط وهو أمر لم يكن متوقعاً لأن البحر المتوسط بحر شبه مغلق وعادة ما تحدث الأعاصير في المحيطات المفتوحة مثل المحيط الهادى والمحيط الأطلسي، ومن ثم يعد هذا الإعصار صغير الحجم بالمقارنة بما تتعرض له دول الأمريكتين المطلة على هذه المحيطات من أعاصير مدمرة، ولكن يكمن الفارق في أن هذه الدول معتادة على الظواهر الطبيعية العنيفة ومن ثم إتخذت الاحتياطات اللازمة والاستباقية لحدوثها، على عكس المنطقة العربية بدولها الفقيرة المنشغلة بالصراعات السياسية والطائفية، وعلى سبيل المثال جزيرة هاواى تستعد لمواجهة بركان ينشط حالياً، كما حدث في نفس يوم زلزال المغرب زلزال آخر أشد قوة فى نيوزلندا لكن لم يخلف قتيل ولا حتى مصاب واحد لأن هذه الدول محتاطة في مبانيها لمواجهة هذه المخاطر.
وحتى قبل أن يظهر مصطلح التغيرات المناخية كانت مصر تواجه الفيضانات التي تغرق الأرض والمبانى ولكنها واجهت ذلك ببناء السد العالي الذى حماها من خطر الفيضان الذي كان يحدث بالفعل ومن المتوقع أن يزداد ضراوة بفعل الاحتباس الحراري وارتفاع درجة حرارة الأرض الذى أدى بالتبعية إلى ذوبان الجليد في القطبين، كما ينتظر أن يحمينا السد من خطر الجفاف المتوقع حدوثه بسبب التصحر ونقص المياة العذبة وملوحة التربة وتآكل الأرض الخصبة والدلتا، وكلها من تداعيات التغيرات المناخية التي أجمع عليها العلماء.
وعلى ذكر ذوبان الجليد، يطرح البعض تساؤلات أكثر تشاؤما حول انتهاء العصر الدفئ وعودة العصر الجليدي وهو ما يعني فناء العالم بأن تغطى الثلوج الأرض ويعود الإنسان إن وجد إلى سكن الكهوف، حيث يوضح التاريخ البشري أن العصر الجليدي أستمر لحوالى ٩٠ ألف سنة وفي نهاياته ظهر الإنسان البدائي، وكانت الدول العربية ضمن المنطقة المغطاة بالجليد وهذا هو سبب خزان المياة الجوفية الضخم القابع تحت أرض مصر وليبيا تحديداً، أما العصر الدفئ الذى نعيشه حالياً فمدته نحو ١٠ آلاف سنة انتهت بالفعل، ولكن عودة العصر الجليدي قد تحدث في خلال مالا يقل عن ٥٠٠ سنة، ولا تعنى أن الأرض بالكامل ستغطى بالثلوج ولكن حوالى ١٥ إلى ٢٠٪ فقط، علما بأن نشاط الإنسان الحالى لا يقارن بالإنسان البدائى الذى عاصر أواخر الزمن الجليدي، لأننا حالياً نعانى من ارتفاع درجة حرارة الكوكب بشكل مرشح للزيادة ينذر بذوبان الجليد الموجود بالفعل ويصعب معه تكون جليد جديد.
أما عن عودة تسونامي يقول الخبراء أن اليابان حين تعرضت لهذا التسونامي مات ١٥ ألف إنسان رغم إمكانات الدولة الكبيرة ولكنه لو تعرضت دولة أخرى لنفس الخطر لفقدت ١٥ مليون، مثلما حدث في زلزال القاهرة عام ١٩٩٢ رغم أنه كان من الزلازل المتوسطة في شدتها ولكن مات المئات وانهارت العقارات بسبب ضعف التطبيقات الهندسية، أما عن المغرب فمن المعروف جيولوجيا أن هناك فالق جيولوجي كبير يقع تحت مدينة أغادير ويمتد إلى مراكش وصولاً إلى الحدود الجزائرية ويفصل بين سلاسل جبال أطلس العليا والجنوبية لذلك كان يتعين على الدولة أن تضع قيوداً على البناء في هذه المنطقة كأن تكون المبانى مستعدة لمواجهة الأخطار الناتجة عن وجود هذا الفالق، علماً بأن الإنسان عموماً ضعيف في مواجهة غضبة الطبيعة ولكن كل الإجراءات تتخذ لتقليل الخسائر قدر المستطاع، وفي النهاية لا أحد يمكنه تحدى الأقدار، حتى وإن تمكن العلم من التنبؤ بها ورصد حدودها.