مساحة إعلانية
22 عامًا مرت على أحداث 11 سبتمبر، التي استهدفت برج التجارة العالمي ومبنى البنتاجون، وهي الأحداث التي كانت ذريعة لحرب أمريكية على عدة بلدان ارتكبت فيها العديد من المجازر والجرائم، منها الحرب على أفغان ستان والحرب على العراق، بدعوى محارب الإرهاب.
الآن وبعد 22 عامًا هل نجحت الولايات المتحدة فعلًا في القضاء على الإرهاب أو بالأحرى الانتصار عليه، في ظل زيادة معدلات الإرهاب عالميًا، خاصة أن انسحابها من بلدان مثل العراق زاد الإرهاب بتوغل سيطرة داعش فيها، والأمر ذاته في أفغان ستان، إذ سقطت العاصمة كابول في يد حركة طالبان.
تقييم هذه الحرب الأمريكية، يمكن أن ننظره إليه بمنظور أمريكي بحت، عبر مقالات لرجال سابقين في موقع المسئولية بأمريكا.
ويقول مايكل ك. ناغاتا، وهو ضابط برتبة لواء في الجيش الأمريكي ومدير التخطيط التشغيلي الاستراتيجي في "المركز الوطني لمكافحة الإرهاب".
يتساءل الضابط الأمريكي السابق، ويقول: رغم كل ما ينبغي أن نفخر به بحق، فقد حان الوقت لنسأل أنفسنا بعض الأسئلة الصعبة ولكن الضرورية: رغم القدرات التي طورناها والتقدم الذي حققناه، لماذا أصبح الإرهاب اليوم أكثر انتشاراً وتعقيداً مما كان عليه حين بدأنا؟ لماذا أثبت الإرهاب أنه قادر على الصمود والتكيّف رغم نجاحاتنا ورغم الضغط والقوة المتواصلين اللذين نستخدمهما نحن والعالم للوقوف في وجهه؟ إنّ التقييم المنبّه والمستمد من "قاعدة بيانات الإرهاب العالمية" التي جمعها برنامج "ستارت" التابع لـ"جامعة ماريلاند" هو خير مثال عن أن الاتجاهات الأساسية للإرهاب رغم جهودنا الكثيفة، أصبحت مثيرة جداً للقلق. فمنذ عام ٢٠١٠، ازداد عدد الوفيات المرتبط بالإرهاب في جميع أنحاء العالم بنسبة تزيد عن ٣٠٠ في المائة، كما ازداد عدد الهجمات الإرهابية مع ما يقترن بها من ضحايا بحوالي ٢٠٠ في المائة.
ويستمر في كلامه: وبمعزل عن ذلك، هنا في الولايات المتحدة، تجري السلطات الفدرالية المعنية بإنفاذ القانون حوالي ألف عملية تحقيق متصلة بالإرهاب في مجتمعاتنا المحلية في جميع الولايات الخمسين.
ينفي الرجل أن تكون بلاده فشلت في الحرب الأمريكية، لكنه يرى النجاح من منظور مختلف، إذ يؤكد أنه من الإنجازات الكبيرة أيضًا هو واقع أننا قد أحدثنا ثورةً في قدراتنا وممارساتنا عندما يتعلق الأمر بإلقاء الضوء على الزعماء الإرهابيين ومؤامراتهم ومهاجمتهم.
يستعيد المسئول الأمريكي في حديثه ما جرى، ويضيف: خطرت لنا فكرة بعد حادثة ١١ سبتمبر مباشرة وهي أننا "سنلعب لعبة الخارج بشكلٍ رائع لدرجة أننا لن نضطرّ إلى اللعب في الداخل مرةً أخرى". لكن بعد عشرين عاماً تقريباً، كان عليّ مواجهة الحقيقة المحزنة، وهي أنه رغم جهودنا المثيرة والفعالة التي نبذلها في "لعبة الخارج"، أثبتت الحركة الشاملة للإرهاب والتطرف العنيف في نهاية المطاف قوتها ومرونتها ضد هجماتنا. واليوم، نحن نخوض نطاق غير مسبوق من الأنشطة المتطرفة العنيفة، على الصعيد الدولي ومع المتطرفين العنيفين الناشئين على الصعيد المحلي.
بعد عقدين من الزمان على الحرب التي شنتها الولايات المتحدة الأمريكية تحت ذريعة محاربة الإرهاب، بدأت الأسئلة تكثر حول نتائج هذه الحرب وتعرضت الولايات المتحدة الأمريكية للكثير من الانتقادات، بل ووصل الأمر إلى الإحراج على المستوى الاستراتيجي، إذ كان السؤال الذي حاول المسئول السابق الحديث عن ماهية النجاح الذي تحقق، لكن لا يخفى على أحد بل وبشهادة الأمريكان أنفسهم أن الحرب الأمريكية على الإرهاب لم تؤت ثمارها، بل الثابت يقينًا أن الإرهاب قد زادت وتيرته بما يُقدر حسب دراسات أمريكية بـ300%.
وفي محاولة لتبرير النتائج التي لا تليق بالشعارات التي قامت من أجلها هذه الحرب المزعومة، يقول ماثيو ليفيت، زميل أقدم ومدير برنامج ستاين لمكافحة الإرهاب والاستخبارات في معهد واشنطن، إن الصراع مع الإرهاب ليس حرباً يمكن الفوز بها أو خسارتها، فالولايات المتحدة لم تخض مطلقاً "حرباً على الإرهاب" أكثر مما خاضت حرباً على الجريمة أو المخدرات. وبالتالي، لا يمكن قياس جهود مكافحة الإرهاب من حيث الانتصار أو الهزيمة. وبدلاً من ذلك، يجب أن يُنظر إليها على أنها جزء من جهد مستمر - بخلاف كل من الحرب والسلام - لتعطيل أعمال الإرهاب والتنافس مع الخصوم ومعالجة القضايا الأساسية التي تجعل أقلية خطيرة من الناس تعتقد أن السبيل الوحيد لتحقيق أهدافها الاجتماعية أو السياسية هي من خلال العنف الذي يستهدف المدنيين.
ورغم ما ارتكبه الأمريكان من جرائم اغتصاب في كل من العراق وأفغان ستان، يعيد المسئول الأمريكي التأكيد على ضرورة استمرار الحرب بمبادئ حقوق الإنسان، ويقول: على الولايات المتحدة الاستفادة من إداراتها ووكالاتها المدنية لمساعدة الدول الأجنبية في التعامل مع التطرف بنفسها واعتقال المشتبه بهم ومحاكمتهم في إطار سيادة القانون مع احترام حقوق الإنسان، والعمل مع شركاء من القطاع الخاص وغير الحكوميين لبناء مجتمعات قادرة على الصمود. على واشنطن أن تستثمر في الإدارات والوكالات المدنية الخاصة بشركائها، مثل وزارات العدل والداخلية، والأمور المتعلقة بالإصلاحات.
أين كانت حقوق الإنسان في جوانتانمو، وفي جرائم العراق، ومن اعترافات توني بلير، رئيس وزراء بريطانيا إبان الحرب على العراق، أن الحرب لم تكن بسبب الأسباب المعلنة، واعترف أنهم كانوا خاطئين في خوض هذه الحرب، لكن متى تُدرك الولايات المتحدة الأمريكية أنها صنعت الإرهاب.