مساحة إعلانية
- بعد نجاح ( ورد وشيكولاتة) و صدور لائحة معايير الدراما الأخلاقية لن نشاهد ليالى الحلميه ولا الشهد والدموع.
- قائمة مسلسلات الحب والدم تضم مسلسلات حاربها حيتان البيزنس وتصدى لعرضها نجوم المجتمع.
- علاقات الغرام والانتقام في الفن المصري كشفت الوجه الاخر للرجال والنساءأيضاً.
من مفارقات الواقع في مصر أن يتزامن نجاح ضخم حققه مسلسل ( ورد وشيكولاتة) مع صدور لائحة توجيهات ما يمكن أن يطلق عليه الدراما الأخلاقية، والتى جاء في مقدمتها عدم إبراز حالات الخيانة الزوجية والطلاق والعنف والبلطجة، علما بأن هذا المسلسل الذي يجسد واقعة حدثت خلال الفترة القليلة الماضية يتناول قصة زوج خان زوجته وخان أمانة منصبه على غرار ما فعله المعدوم أيمن حجاج الذي تورط مع زوجته التى كانت تطلق على نفسها إعلامية وهى مجرد مندوبة إعلانات تشترى برامج وساعات على الهواء، تورط معها في زيجة عرفية غير معلنة مشكوك في صحتها والأخطر أنهما ارتكبا سويا جرائم فساد ورشوة، ثم عادت الحسناء شكلاً فقط لتبتز الرجل - في البطاقة فقط- بهذه الجرائم وتهدده بفضحه فما كان منه إلا أن قتلها وشوه جسدها بعد أن استدرجها كما يستدرج العشيق عشيقته، وحكم عليه بالاعدام هو وشريكه في الجريمة، وبعد فترة قصيرة تم عرض مسلسل الفنان الموهوب محمد فراج والفنانة المبدعة زينة ليحقق نسب مشاهدة عالية بالتزامن مع صدور لائحة توجيهات تمنع إنتاج مثل هذه الأعمال من الأساس لأنها تتناول الخيانة والقتل والدم، بل وتطالب بعدم التعرض لحالات الطلاق في مجتمع وصلت نسب الطلاق فيه إلى معدلات كارثية تلقى على عاتق الفن وصناعه مسئولية وجوبية تتعلق باقتحام هذا الملف الشائك ومناقشة أسبابه والتصدى لها، بدلاً من دفن الرؤوس في الرمال وكنس سطح السجادة وتحتها يتراكم التراب والميكروبات.
ولأننا جيل تربى على دراما أسامة أنور عكاشة ووحيد حامد ومحمد جلال عبد القوى، كان علينا أن نعود بالذاكرة للخلف قليلاً لنتذكر درة تاج الدراما المصرية ( ليالى الحلمية) والغريب أن المتشدقين بعبقرية هذه التوجيهات رافعى شعار دعونا نعود لزمن الفن الجميل وعصر الدراما الذهبى لا يعلمون أو تناسوا أنه لو طبقت هذه المعايير وقتها لتم منع عرض ليالى الحلميه لأن نازك السلحدار اتطلقت واتجوزت عشرين مرة، وعلى نفس الدرب سار سليم باشا البدرى شخصياً، وهناك أيضاً مسلسل بحجم الشهد والدموع لو طبقت عليه المعايير لشاهدنا أخ أكبر يسرق شقيقه الأصغر ويتامر عليه بل ويتسبب في موته، ناهيك عن مشهد المواجهة بين زينب ودولت التى اتهمتها فيه صراحة بأن الهانم تزوجت حافظ وعينيها على أخيه الصغير الوسيم شوقى.
ومن أنور عكاشة إلى جلال عبد القوى حيث ( الليل وآخره) والمعلم رحيم الذي خات زوجته وتورط في علاقة مع راقصة أو مغنية الموالد الحسناء حسنات، والمال والبنون في الجزء الثاني حيث الحاج سلامة فراويلة لص الآثار وعلاقاته بالعوالم حتى سقطت إحدى معجباته الراقصة هياتم في غرام نجله شريف منير ودفعت الثمن من دمها المسفوح بتحريض الحاج سلامة شخصياً.
بالطبع لم تتهم هذه الأعمال وقت عرضها بأنها تشوه الواقع المصري أو تحقر من دور المرأة، لأن الناس كان لديها من الوعى ما يجعلهم يدركون دور الدراما في رصد الواقع من أجل طرح مشكلاته وقضاياه على مائدة الحوار والبحث لها عن حلول، حتى لو انتهى العمل الفنى نهاية مفتوحة على طريقة ضمير أبلة حكمت، حين تساءلت حكمت هاشم بصوتها الثرى ( سيظل السؤال ماذا ينقص العملية التعليمية في بلد كبلدنا هل الفصول المجهزة أم المعلم المؤهل).
الحديث عن مسلسل ( ورد وشيكولاتة) يطرح هو الآخر سؤالاً هو هل يتعين على الدراما أن تناقش الأمر حين يتفشى ويصبح ظاهرة متكررة مثل الطلاق، أم ترصد أيضاً الحالات الفردية التي رصدتها قبل هذا العمل مسلسل بعنوان ( المرافعة) تناول قصة المطربة الراحلة سوزان تميم وشكك في قتلها على يد أحد رجال الأعمال ذوى النفوذ وانتهى ببراءته، ومسلسل آخر هو ( الطاووس) حارب نجوم المجتمع عرضه لأنه تناول قضية فندق الفيرمونت المتهم فيها بعض أبناءهم.
نعلم أن مصطلح حرية الإبداع أفرز أعمالا قدمت الشاب المصري في صورة المجرم البلطجى وصنعت من متعاطى المخدرات بطلا شعبياً، في أعمال لا تقتصر على محمد رمضان وحده ولكن تنافس على تقديمها عمرو سعد ومصطفى شعبان واحمد السقا وباسم سمرة، ولكن يكفي أن مخرج أشهر هذه الأعمال المخرج محمد سامي أعلن أنه سيتوقف عن تقديمها احتراماً لتوجيهات والدته النائبة البرلمانية والتربوية معلمة الأجيال.
بينما يرى أساتذة علم النفس التربوي والاجتماعي أن الأعمال الدرامية التي تتناول الحب والانتقام الدموى تكشف عادة عن تناقضات المجتمع والوجه الآخر للإنسان سواء كان رجلا أو امرأة، حيث تلعب الظروف والتجارب دوراً في تحولات جذرية تتغير معها شخصية الإنسان وردود أفعاله تجاه ما يواجه من خبرات حياتية ترصدها الدراما الاجتماعية والشعبية وحتى الكوميدية.