مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

المبدعون

يا صاحِ صبراً .. شعر محمود فتحي عباس

2024-11-10 01:35 AM - 
يا صاحِ صبراً .. شعر محمود فتحي عباس
محمود فتحي عباس
منبر

ياصاحِ صَبراً واستمع أَسرَاري
وانصِت بقلبكَ واحتَمِلْ إصراري

ذَبُـلَت جُفوني من مَريرِ سُهادِها
وتبلَّلت من دَمعِهَا أشعاري

فأنا ببحرٍ من همومٍ غارقٌ
وتآكلت من موجهِ أسواري

أسقي الأحبةَ من شرابٍ هَانِئٍ
وَهُمُوا بِقَصدٍ أوقدوا لي نَاري

تباً لعيشٍ في الحياةِ مُنَغَّصٍ
من سوءِ ظنٍ في هَوى الأَفكَارِ

تباً لقومٍ في الضلالِ وأدمنوا
خُبثَ الذئابِ وعِيشةَ الأبقارِ

هل كلُّ ذنبي في حياتي أَنَّنِي
أُسْدِي النصيحَ بطيبةِ الأَطهارِ ؟

أم أنًَ ظاهرَ ما أقولُ كباطني
وطَوَيَّتي طَهُرَت من الأقذارِ ؟

أم أنهم مثل الضِّباعِ وَخَيرهِم
في طَبعهِ كالثَّعلبِ المَكَّارِ ؟

يا صَاحِبي أمسك رَجَاءَ نَصِيحَتِي
حتى تذوقَ على العَذابِِ مَراري

فأنا قويٌ في العيونِ غِضَنفرٌ
لكن     بقلبي   عِنوَةُ    الإِعصَارِ

سِر يا صَديقي في جَحَافِلِ حيرتي
وارفع يَديكَ بسيفكَ البَتَّارِ

آذِر جُيُوشِي في خِضًَمِ نِزالِها
وادفع قُوايَ بِعَزميَ المُنهارِ

ياصاحِ لا تَسألني عنَها فَرحَتي
نائَت بِخِلِّكَ شَطحَةُ الأسفارِ

سافرتُ في بحرِ الهمومِ مُعذَّباً
وربطتُ قلبي أن يَحنًَ لداري

يا صاحِ أثقلتِ المَحَنَّةُ كاهِلي
فالحُـبُّ فيهِم أشنعُ الأوزارِ

وعزفتُ في لحنِ الخلودِ نشيدَهم
فتمزقت من صَدِّهِـم أوتاري

للخيرِ أَرشُدُهُم بقلبٍ مُخلِصٍ
فيجيءُ سَباً منهُمُوا إِنذَاري

كيفَ السبيلُ إلى الوصولِ لنُصحِهم
وهموا القُساةُ كأصلبِ الأحجارِ

إني أشتهيتُ حياةَ شيخٍ مُعدمٍ
حتى يَعيشُوا عِيشَةَ الأَخيارِ

واللهِ ما مِنهم رَجَوتُ مَحَنَّةً
ولقد رَضيتُ بِصِلفَةَ الجبَّارِ

ورجوتُ أن يعنوا لنُصحِ حَبِيبهِِم
حتى يجوزوا عِطفةِ الأخطارِ

حسبي بأنِّي لا أريدُ لَهُم وَلِي
ذُلاً يُسِّرعُ بالهُمومِ دَماري

حتى رَضيتُ بعيشِ أبسَطِ زاهِدٍ
ولهم نَكَرتُ الذاتَ في الإيثَارِ

هل بعدَ ذلكَ ياحبيبُ لها رضىً
أو أن تذوقَ الفرحَ في الأعمارِ ؟

مابينَ سَعدي في الفؤادِ بدُنيتي
بُعدُ السماءِ ورِدَّةُ الأقدارِ

ياصاحِ دَعني أو لِتَفهَم مَقصَدِي
فالروحُ تحيا في لَظَى الأشرارِ

من أين أشعرُ بالأمان وإنني
صِنوُ اليتيمِ بِسَاحةِ الفُجَّارِ

لم يَبقَ نَبعٌ في مُروجِ حَدَائِقي
وتَعطَّشَت بِجَفائِهِم أَزهَاري

مساحة إعلانية