مساحة إعلانية
في مساء معطر برائحة الياسمين، جلست "ليلي" عند نافذتها تتأمل ظل الغروب، وهو ينزف لون الحنين على صفحة السماء، كانت المدينة تغلق أبوابها شيئا فشيئا، وتفتح قلبها للذكريات وكأنها تهيئ المسرح لحكاية لم تنتهي بعد.
قلبها كمنزل قديم؛ يحتفظ بصور باهتة لم تمحها السنين، ولا هدها الغياب في زواياه، ظل "أحمد" ذلك العازف الحالم الذي كان إذا ابتسم انتفض الورد على الشرفات، وتراقص الضوء على ملامحه كأنه لحن لا يُمِل.
تَعَرَّفَت عليه في مساء يشبه هذا حين كانت تائهة بين رفوف مكتبة عتيقة، تبحث عن رواية تشبهها، ابتسم لها وسألها بصوت ناعم: هل تفتشين عن نفسك بين رفوف الكتب؟
يومها أصبحت كلماته كتابها، وصمته فصول روايتها، ونظراته هوامش تسكنها الحكاية دون أن تُكتب، (الزمن لا يجيد الرقص مع الأرواح الرقيقة)، افترقا كما يفترق الليل بصمت موجع، دون وداع، دون وعد، دون تفسير يليق بالخسارة ... ظل قلبها يخبئ له مقعدا في المدى؛ كأنه عائد ذات مساء على هيئه أغنية منسية، أو ورقة سقطت من بين دفاتر الزمن.