مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

المبدعون

" لَامِيَّةُ الغَزِّيِّ " أُنْشُودةُ البَقَاءِ...شعر د.عبد الرحيم فرج أبو حماية

2025-10-22 22:46:31 - 
" لَامِيَّةُ الغَزِّيِّ " أُنْشُودةُ البَقَاءِ...شعر د.عبد الرحيم فرج أبو حماية
الشاعر د. عبد الرحيم فرج أبو حماية

أَجِيبُوا بَني العُرْبِ النِّدَاءَاتِ إنَّني

لَعَمْري إلَى يَأْسٍ مِنَ الرَّدِّ أَمْيَلُ

قَدِ اغْتِيلَتْ الأَقْمَارُ واللَّيْلُ مُطْبِقٌ

وَسُنَّتْ لِتَمْزِيقِي وَقَتْلِيَ أَنْصُلُ

لَعَمْرُكَ مَا فِي الأَرْضِ مَنْأىً عَنِ الرَّدَى

وَقَدْ مُلِئَتْ مَوْتًا وَلا مُتَعَزَّلُ

لَعَمْرُكَ كُلُّ الأرْضِ ضِيقٌ عَلَى امْرِئٍ

يُفَارِقُ قَسْرًا دَارَهُ وَهْوَ يَعْقِلُ

يُحَاصِرُني التَّقْتِيلُ والجُوعُ والظَّمَا

وَذِئْبٌ هُنا يَقْتَاتُ لَحْمي وَجَيْأَلُ

وَ ( فيتُو ) بُغَاةٍ لا القَتِيلٌ ضَحِيَّةٌ

لَدَيْهِمْ ولا الجَانِي عَنِ القَتْلِ يُسْأَلُ

وَإنْ مُدَّتِ الأيدِي بِزَادٍ فَغَدْرُهُمْ

إلَيْنا مِنَ الأيدِي الكَرِيمَةِ أَعْجَلُ

وَمَا ذَاكَ إلا خِسَّةٌ فِي جِبِلَّةٍ

يَعِيشُ عَلَيهَا كُلُّ بَاغٍ وَيُجْبَلُ

وَإنِّي كَفَاني فَقْدَ مَنْ لَيْسَ مُنْصِفي

وَمَنْ لَيْسَ فِي تَنْدِيدِهِ مُتَعَلَّلُ

ثَلاثَةُ أصْحَابٍ : فُؤَادٌ مُعَلَّقٌ

بِرَبٍّ بَصِيرٍ قَادِرٍ لَيْسَ يَخْذُلُ

وَصَبْرٌ عَلَى الأَهْوَالِ يَعْشَقُ رِفْقَتي

وَحُبٌّ لَهُ بَينَ الأضَالِعِ مَنْزِلُ

لِمَعْشُوقَةٍ تُدْعَى فِلَسْطِينَ عَيْنُها

بِهَا دَمْعَةٌ مِنْ جَفْنِ غَزَّةَ تَنْزِلُ

لَهَا فِي رُبُوعِ الأَرْضِ مِلْيَارُ عَاشِقٍ

وَآخِرُهُمْ فِي العِشْقِ يَحْدُوهُ أَوَّلُ

عَلَى طِفْلِها تَبْكِي وَطِفْلَتِهَا الَّتي

بِلَحْظَةِ قَصْفِ البَيْتِ كَانَتْ تُرَتِّلُ

تُرَدِّدُ بَعْضَ الآيِ مِنْ وِرْدِ حِفْظِهَا

وَدُمْيَتَهَا فِي حِضْنِهَا الطِّفْلِ تَحْمِلُ

وَماتَتْ وَقَدْ صَارَتْ جَدَائِلُ شَعْرِهَا

وَقُودِي كَأَنَّ الشَّعْرَ للشِّعْرِ يُجْدَلُ

هَلُمُّوا جُمُوعَ العَاشِقِينَ فَهَا هُنا

لِمَعْشُوقَتي وَجْهٌ مِنَ الحُسْنِ أجْمَلُ

أَرَاهَا تُعَانِي جُرْحَهَا غَيْرَ أنَّنِي

أرَى وَجْهَهَا رُغْمَ العَنَا لَيْسَ يَذْبُلُ

وَإنِّي إذَا مَا طَالَ فِي الهَجْرِ لَيْلُكُمْ

فَلَيْلي مَعَ التَجْوِيعِ والقَصْفِ أَطْوَلُ

ضَعِيفٌ جَرِيحٌ جَائِعٌ ظَامِئٌ مُرَ

وَّعٌ حَائِرٌ فِي سَاحَةِ الحَرْبِ أعْزَلُ

وَمَا لِي مِنَ الحَيِّ المُهَدَّمِ مَخْرَجٌ

وَمَا لِي إلَى المَشْفَى المُهَدَّمِ مَدْخَلُ

بِتَكْبِيرَةٍ لِلْجُرْحِ يَسْجُدُ نَزْفُهُ

وَتَسْبِيحُهُ يَرْوِي الثَّرَى حِينَ أُقْتَلُ

خَشُوعًا دَمِي يَجْرِي عَلَى أَرْضِهَا كَأَنَّــ

ــهُ عَابِدٌ فِي جَرْيِهِ مُتَبَتِّلُ

وَتُسْرَقُ أَحْلامي الصَّغِيرَةُ مِنْ يَدِي

وَأغْصَانُ زَيْتُونِي العَتِيقَةُ تُقْصَلُ

بِأيدي لُصُوصٍ يَسْرِقُونَ حُقُولَنَا

وَيَكْرَهُهُمْ فِي الحَقْلِ حَبٌّ وَسُنْبُلُ

قَلِيلُونَ أَرْضِي لا تُحِبُّ وُجُوهَهُم

وَيُفْزِعُهُمْ أَنَّا نَزِيدُ وَنَنْسِلُ

رَأَوا دُمْيَةً يِلْهُو بِهَا طِفْلِيَ الصَّغِيـــ

ــرُ فَاسْتُنْفِرَتْ تَرْسَانَةٌ ثُمَّ جَحْفَلُ

فَكَمْ قَتَّلُوا مِنَّا نِسَاءً وَرُضَّعًا

وَكَمْ بُتِرَتْ أَيْدِي صِغَارٍ وَأَرْجُلُ

يَخَافُونَ مِنْ طِفْلِي الرَّضِيعِ وَأُمِّهِ الَّـ

ـتي رُغْمَ عُنْفِ القَصْفِ والمَوْتِ تَحْبَلُ

لَهُمْ قَائِدٌ نَذْلٌ يُؤَرِّقُ جَفْنَهُ

صِغَارٌ حُفَاةٌ بِالمَدِينَةِ عُزَّلُ

سِلَاحُهُمُ إِقْدَامُهُمْ وَحِجَارَةٌ

وَسِرْوَالُ جِنْدِيٍّ جَبَانٍ مُبَلَّلُ

يَجُودُ بِأَطْنَانِ القَنَابِلِ قَاصِفًا

وَحِقْدًا عَلَى الأَطْفَالِ بِالقُوتِ يَبْخَلُ

يَرَى الخُبْزَ فِي أَيْدي الصِّغَارِ قَنَابِلًا

يَرَى كُوبَ مَاءٍ فِي يَدِ الطِّفْلِ يَقْتُلُ

عَلا فِي صُنُوفِ القَتْلِ والبَغْيِ والفَسَا

دِ لَكِنَّنَا فِي القَدْرِ نَعْلُو وَيَسْفُلُ

سَنَبْقَى هُنَا دَوْمًا عَلَى العَهْدِ لَمْ نَزَلْ

وَلَسْنَا عَلَى رُغْمِ المَجَازِرِ نَرْحَلُ

لِأنَّا نَبَاتُ الأَرْضِ فِيهَا جُذُورُنَا

وَلَيْسَ يَضِيرُ الجِذْرَ فِي الأَرْضِ مِنْجَلُ

سَنَبْقَى وَنَبْقَى كُلَّمَا نَزَفَتْ جِرَا

حُ غُصْنٍ نَمَا غُصْنٌ عَلَى الأرْضِ يُكْمِلُ

خَصِيبَةُ أَرْحَامِ النِّسَاءِ بِلادُنَا

كَرِيمَةُ أَصْلابٍ بِهَا النَّسْلُ يَجْمُلُ

عَلَى وَقْعِ قَصْفِ البَيْتِ أُنْشُودَةُ البَقَا

ءِ مِنْ نَظْمِ شَيْخٍ لَيْسَ بَالمَوْتِ يَحْفَلُ

تُشَارِكُهُ فِيهَا رَفِيقَةُ دَرْبِهِ

مُدَارِيَةً أَحْزَانَهَا وَهْيَ مُثْكَلُ

تَبِيتُ عَلَى الأَنْقَاضِ يَقْظَى عُيُونُهَا

وَجَارَتُهَا ثَكْلى تُرِنُّ وَتُعْوِلُ

" تُدِيمَ مِطَالَ الجُوعِ حَتَّى تُمِيتَهُ

وَتَضْرِبُ عَنْهُ الذِّكْرَ صَفْحًا فَتَذْهَلُ  "*

" وَتَطْوِي عَلَى الخُمْصِ الحَوَايَا كَمَا انْطَوَتْ                                     

خُيُوطَةُ مَارِيٍّ تُغَارُ وَتُفْتَلُ "*

وَتَضْحَى وَمَا فِي الأَرْضِ نَجْلٌ يَبَرُّهَا

وَلا حَائِطٌ أَوْ سَقْفُ بَيْتٍ يُظَلِّلُ

ولا ابْنُ أَخٍ أَوْ بِنْتُ أُخْتٍ تَزُورُهَا

مُوَاسِيَةً كُلُّ الأَقَارِبِ قُتِّلُوا

صَبُورٌ فَلَمْ تَجْزَعْ لِفَقْدٍ وَلَمْ تَدَعْ

طَرِيقًا لِيَأْسٍ فِي الحَشَا يَتَغَلْغَلُ

إذَا خُيِّرَتْ بَيْنَ الرَّحِيلِ وَمَوْتِهَا

سَتَخْتَارُ طَعْمَ المَوْتِ فَالمَوْتُ أَفْضَلُ

دَخِيلٌ هُنا بَالأَرْضِ يَقْتُلُ أَهْلَهَا

وَيَحْسَبُهَا وَهْمًا سَتَنْسَى وَتَغْفُلُ

فَلا دُرَّةٌ يُنْسَى وَلا هِنْدُ تَنْمَحِي اسْــ

ـتِغَاثَتُهَا والمَوْتُ يَرْعَى وَيَأْكُلُ

تَصِيحُ وَمَا فِي الأَرْضِ مُعْتَصِمٌ يُجِيــ

ـبُ أَوْ سَامِعٌ مِمَّنْ عَلَيْهِ يُعَوَّلُ

دَخِيلٌ قَصِيرُ العُمْرِ يَحْسَبُ أَنَّهُ

مَلِيكٌ بِأَرْضٍ تَزْدَرِيهِ وَتَتْفُلُ

ثَمَانُونَ عَامًا لا تُقِيمُ هُوِيَّةً

بِأَرْضٍ بِهَا عُمْرُ الحَشَائِشِ أَطْوَلُ

ِبتَارِيخِنَا المُمْتَدِّ فِي عُمْقِ عُمْقِهَا

لِآلافٍ أَعْوَامٍ سَنَبْقَى وَيَرْحَلُ

*هذان البيتان مقتبسان من قصيدة لامية العرب للشنفرى

 

مساحة إعلانية