مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
ديوان "أردية مهترئة لديونيسوس" للأستاذ " أمل سالم " نصوصه الشعرية مغايرة ومفتوحة على تعدد التأويلات، ينتمي إلى الشعر الحداثي الذي يخلق المعنى عبر التوتر اللغوي والرمزي ، في تمازج فريد بين الأسطورة والذات، وبين الجسد والروح.
العنوان "أردية مهترئة لديونيسوس" يفتح الباب على فضاء أسطوري.
"ديونيسوس" رمز للتحرر من القيود، وللفوضى الخلاقة التي تعيد ترتيب الكون على نحو مغاير. أما "الأردية المهترئة" فهي استعارة مزدوجة، أردية المعنى، أو الزمن، أو الوجود، التي بليت تحت وطأة التجربة الإنسانية.
هكذا يتقاطع العنوان بين رمزية الحياة والانبعاث بما يهيئ القارئ لنصوص تحتفي بالتمزق أكثر مما تحتفي بالاكتمال.
يوظف " أمل سالم " الأسطورة التي تستحضر ديونيسوس ليتساءل عن جدوى الطقوس في عالمٍ فقد طهره.
في الديوان تتعدد الأصوات، صوت الذات، وصوت الأسطورة، وصوت الآخر الغائب.
يبدو النص أحيانًا كحوار داخلي أو منولوج فلسفي.
يعلن الشاعر تمرده على الانكسار والامتثال.
وهذا التمرد ليس صوتًا خارجيًا صارخًا، لكنه تمرد هادئ ينبع من تأمل الوجع الإنساني، حيث تتماهى الذات مع الأسطورة لتعيد بناء العالم بالكلمة.
لغة " أمل سالم " لغة كثيفة، تومئ ولا تقول. فتعكس حالة الوعي الممزق .
يعتمد الديوان على قصيدة النثر الحديثة بكل خصائصها، ورغم غياب الإيقاع الخليلي، فإن للنصوص موسيقاها الداخلية المنبعثة من المفردات الموحية.
قراءة هذا الديوان تشبه الدخول إلى متاهة مضيئة؛ لا تقدم طريقًا واحدًا للفهم بل تترك القارئ في حالة من التيه الخلَّاق.
إنه ديوان يطالب قارئه بأن يكون شريكًا في إنتاج المعنى، لا مجرد متلقٍ.
في خلفية النصوص حضور واضح للوعي الصوفي بوصفه حالة بحث عن الحقيقة .
"أردية مهترئة لديونيسوس" ديوان شعري، ورحلة في وعي الشعر وفي جدواه. يبحث عن النور في عمق اليأس.
وقد نجح " أمل سالم " عبر لغته المتوترة وصورها المركبة في أن يصنع قصيدة تتكئ على الأسطورة لتكشف هشاشة الواقع لتطهير الجرح الإنساني من الصمت.
بهذا الديوان، يثبت " أمل سالم " أن الكلمة حين تمسك بالوجع تصبح خلاصًا جماليًا، مهما تهرأت أردية المعنى.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
