مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

المبدعون

فينيقية... بقلم إيمان العطيفي

2025-10-23 23:08:44 - 
فينيقية... بقلم إيمان العطيفي
إيمان العطيفي

كانت تستحق مصيرا أفضل ،حين عادت من الحرب حملت معها غضب الموت وعفن الضياع لقد انقشعت التعويذة،عادت من حيث بدأت ،مجرد أنثى، لم يسعد والدها ببشارة القابلة،(مبروك عليك  انثى ياسيدى)، ردت يديها خاويتين ،طوال هذه السنوات الثقال ، لم تر سوى الظلمة، احترقت لتولد من جديد ،لأول مرة منذ  عقود تشعر به ولا تراه، تشم ريحه ، تسمع حركاته ،وتتحسس انفاسه بجوار اذنيها ،أغمضت عينها لحظات ، كتمت انفاسها لتستجمع أقوى زفير متاح لديها، فتحت عينيها المترقرقة ،قالت:

 ،ان كنت حقا هنا دعنى أملى عيني منك ،ان كنت كرهت رؤيتي التى طالما عشقتها ،فاثبت فقط انك هنا الآن، انك لست وهما ،امنحنى الفرصة للاعتذار ،اسمع منى كما عودتنى . تحرك الكرسي المقابل لها من مكانه، تنفست الصعداء ولكن هذه المرة بارتياح كبير واردفت:

لم يكن خطئي ولا اختيارى ،كان خطأ فى اقدارنا، لو اتيح لى الاختيار لاخترتك، ولو انك ظهرت قبل موعد الاختيارات اصلا ،لأغلقت بابها وغيرت طريقي من البداية ،اياك ان تظن ان المنافسة رجل مقابل رجل ،فلا منافس لك فى هذه المنطقه ، انا لا اعرف لى حبيبا سواك ،ولن يكون ،وان كان حقا لنا حيوات أخرى ،فكن على يقين اننى اتمنى ان اقضى كل حيواتى معك ،مع اختلاف الظروف ،والأسماء والأماكن ،مع اختلاف الجنس. سمعت حركة المفتاح فى الباب ،نظرت بشوق تخطى حدود العشق ،ظهر ابن عمها امامه، ترعرعا سويا منذ نعومة أظافرهما، عشقها حد الجنون، نصب نفسه حارسا عليها دون مشورة ،ظن انها ملكية خاصة ،ظن انها مرآته التى اعتاد هندمة مظهره امامها، طفلته التي كبرت في قلبه ولم  تكبر في العمر، جميلته التي يتهجّى الصباح ملامحها قبل أن يولد الضوء، أميرته التي لم يملكها سوى قلبه،  ما زال حضورها سرّ دفئه، وما زال اسمه لا يُنطق إلا بها.

لحظة تتويجها ملكة للعالم الموازى ،زوجة لملك البحور السبع ،رأته كما لم تره من قبل ،تنازلت عن حقوقها، عن ملكها،عن احلامها التى عاشت ترسمها مع الملك لحظة بلحظة، وتمسكت بابن العم الذى خاض من أجل خلاصها حربا ضروسا ،خلعت التاج من على رأسها يغتالها شعور بالتردد، وضعته على المنضدة، رفعت رأسها متأملة سقف القصر الفخم ما أصعب القرار ،إن إشتهيت انتهيت ،تنفست وكأنها تقاوم ملك الموت ،جرت خطواتها المقيدة ،حتى لامست يداه ،تبسمت ،ضمها بشوق المسترد لجميع حقوقه الشرعية ،رحلا دون علم بما هو آت ، أحرب آخرى يخوضان ،أم يعيشان فى سلام ؟.

مساحة إعلانية