مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

المبدعون

عطاءٌ مجذوذٌ... بقلم محمد عبدالغني عمارة

2025-05-30 08:16 PM - 
عطاءٌ مجذوذٌ... بقلم  محمد عبدالغني عمارة
محمد عبد الغنى عماره
منبر

انبعثت كل صفاتها من جنسها؛ نواةٌ في قلبِ ذرةٍ أو خلية تدور بقدرٍ محتومٍ، نبعت منها الحياة فوهبتها أينما كانت وما ستكون، هي الأنثى بطبيعتها ونشأتها بل هي الحياة بمعناها، لولاها لعم السكون وبات كل شيء كأنه لم يكن. لم يدر سعيد ما القوى التي جذبته وأثرت عليه وعلى حاله عندما رآها أول مرة في عرس ابنة عمه، بالرغم أنه لم يأبه يوما لأي أنثى رآها بعينه قط، لم ينبض قلبه حنينا من قبل، إلا عندما رأى حنين تفيض من وجهها ابتسامة الحياة بين غمازتين طوق النجاة؛ بادر بكل ما في وسعه واستطاعته أن يظفر بقلبها، نال السبق فحمل أمانتها وحملها على أكف الراحةِ، بادر قلبها صدق قلبه؛ لم تتوانى يوما أن تمنحه الحياة كما منحها السعادة والأمان، مهما غاب عنها بسبب سفره الدائم ولظروف عمله الصعبة، يجعل من إجازته كل العوض لها من تنزه ومتعة لم تحظ بمثلها أي من صديقاتها، لكن كانت هناك دمعة حائرة في عيونها... دمعة عتاب لم تنطلق بعد، تحتفظ بها بأقصى درجات الحرص، لكنها لم تخفَ عنه؛ لأنها كانت تتلألأ في عيونه قبل عيونها، دمعة تبعد أميالاً عن استطاعته في إزالتها، رغم أنها تستلمه ما بين الذهاب والإياب.

ذات يومٍ وهو في عمله أحسَ بإجهادٍ وتعبٍ مفاجئ حال بينه وبين الاستمرار، طلب من مديره إجازة استثنائية لحين استعادة قواه ونشاطه، رغم ذلك لم يستطع العودة دون أن يشتري هديته المعتادة إلى زوجته ومن ملكت فؤاده، شحن سيارته بما لذ وطاب، ثم عاد لبيته قبل الغروب ودخل دون أن يطرق الباب؛ لعلها تكون مفاجأة سارة لزوجته، للأسف لم تكن موجودة بالشقة بعد أن نادى عليها، بحث عنها في كل أرجاء الشقة، ساوره الشك! فمن الغرابة أن تخرج دون إذنه وعلمه؛ اتصل عليها وكأنه ما زال في عمله... ومن خلال الاتصال أخبرته أنها بشقتها تشبع وقت فراغها ووحدتها ما بين الكتاب والتلفاز، أخبرها أنه في إجازة استثنائية وأنه قادم خلال ساعات فإذا كانت ترغب في شيء قبل عودته، عاد أدراجه بأغراضه، ركب سيارته وأخذ يجوب الطرقات بفكر مشتت تأكله الظنون، عاد إلى شقته بعد أن مرت عليه أصعب ساعات عمره، قابلته كعادتها وبطبيعتها، وجدت منه جفاء لم تشعر به من قبل؛ تحجج لها بمرضه وأنه ليس على ما يرام، أحضرت له مشروبه المفضل، تركه وهو شارد الفكر، كان لديها إصرار غير طبيعي هذه المرة في تحفيزه لأن يشربه، زاد لديه الشك، لبى رغبتها وأوهمها أنه شربه بعد أن سكبه، في اليوم التالي اتصل بعمله لمد إجازته لمدة معينة، أخبرها أنه مجبر على العودة إلى العمل لظرف طارئ، غادر واستأجر غرفة بفندق؛ أخذ يراقب مدخل العمارة التي يسكن بها يوميا، حتى يتتبع خطواتها إذا خرجت، حان ما يلبي يقينه وينهي ظنه.

خرجت حنين وركبت التاكسي وهو يتبعها، وقف التاكسي... صعدت إلى شقة في عمارة ما وهو يتتبعها بحرص، وإذ بعيادة طبيب... لم تبق في الانتظار طويلا حتى دخلت إلى غرفة الطبيب وهو يتابعها عن كثبٍ، انتظر دقائق حتى تأخذ كل الأمور مجراها، أخرج سلاحاً نارياً ثم دخل عليهما فجأة دون أي إذن من أحد وشيطانه تملك زمام أموره، نظر إليهما باستغراب بعد أن وجدها جالسةً على الكرسي أمام الدكتور في الوضع الطبيعي وليس وضع اتهام، وقف وكأن على رأسه الطير متخشباً مكانه، حنين بعد أن فرت منها دمعة الأنين محملةً بجل معاني الحسرة والعتاب تأكل ما بداخلها... لما تنظر إليّ هكذا؟! ألهذه الدرجة تملك منك الشك؟! بعد صبر السنين ومر الألم والأنين وأنت سببٌ فيما أُلحق بي! طيلة حياتي معك وأنا أقاوم شيطاني! ... لكنه وللأسف غلبك شيطانك! وأنا أبحث عن حل وعلاجٍ يداوي الأنين، طيلة الخمس سنوات مرت بيننا وجسدك لم يلمس جسدي، احترمت عجزك وقدرت مشاعرك تجاهي بالرغم أنها كانت محملة بالأنانية، حافظت على هيبتك وكيانك ولم تتجرأ أن تبحث عن حلٍ! أهملت علاج عجزك... إذاً وما علاج احتياجي؟! رفضت الانفصال وطالبتني بالصبر والمحال... اليومُ فراقٌ بيني وبينك؛ أنت الذي أخذت القرار وليس أنا!... فجأة دوي عيار ناري! قد صوبه في رأسه.

 

مساحة إعلانية