مساحة إعلانية
كنتُ جالسةً في مقهى المول، أراقب فنجان قهوتي البارد كأنَّه مرآةٌ لروحي. اهتزَّ هاتفي فجأة معلنًا وصول رسالة، التفتُّ إليه بحزنٍ عميق، لكنني لم أمدّ يدي. أغمضتُ عينيَّ مثقلةً بالحنين والخذلان، وكأن قلبي يهمس لي: لم يعد لصوت الرسائل بريق، فهي لا تأتي من ذلك القلب الذي كان يومًا موطني.
ما زلتُ أحمل في داخلي ذكرى تلك الليلة القاسية، حين ودّعني ورحل بلا عودة. لم أنسَ كيف كان الوداع جرحًا لم يندمل، وكيف تركني وحيدةً أمام فراغٍ طويل. مرّت سبع سنوات، ومع كل عامٍ كنتُ أظنّ أنني شفيتُ، لكن الحقيقة أن الجرح ينزف في صمت.
نهضتُ لأُكمل شراء بعض الأغراض، أتجوّل بين الممرات بلا روح. وفجأة... وقع بصري عليه. كان هو، بملامحه التي لم تتغير كثيرًا، بعينيه التي كانت يومًا ملاذي.
تجمّدت خطواتي، ونظرتُ إليه من بعيد. التقت عيناه بعينيَّ، لحظةٌ صامتة كسرتني، وكأن العمر توقّف بيننا. لم يجرؤ أحدنا على الحركة، لم ينطق أيّ منا بحرف، لكن العيون تكفَّلت بكل الكلام. ثم أدرتُ وجهي ورحلتُ مسرعة، كأن الهروب هو النجاة الوحيدة.
خرجتُ إلى الحديقة وجلستُ على مقعدٍ وحيد، أستعيد تلك النظرة التي اخترقت قلبي. شعرتُ وكأن عينيه تحدثني:
"ليتني لم أركِ... فكم أوجعتُكِ برحيلي، وكم زارتكِ الذكريات ليلًا لتسرق نومكِ. كنتِ أجمل النهايات التي لم أحلم بها، وكنتُ أنا بداية وحدتكِ الطويلة. فهل تغفرين لي هذا الفراق؟"
حينها غمرتني دمعةٌ ساخنة، شعرتُ أنها تحمل ثِقل سبع سنواتٍ من الانتظار والخذلان.