مساحة إعلانية
مها البساطي
كانت سعيدة وهي ترمي بنظرها للبحر للواسع، تحمل في يدها حفنة من زهرات الفُل الأبيض، واليد الأخرى نائمة بين كفِ أليفها المُختار، تشتم زهرات الفل بثبات، تسند رأسها بدلال على كتفه الواثق، لا تعبأ لألم انتظار ولا رجفة اشتياق، فتلك سعادتها ولا تُريد أكثر، مرَّ على ذاكرتها تلك الليلة المشوبة بالحر في ذروة صيف أشعث، عندما فقدت صوتها على إثر صدمة قوية لا تذكر تفاصيلها، بعض ومضات تطرق ذهنها الخامل لقطرات دماء حمراء، ذاك الشوق الذي اعتصر حنينها له، تلك الكلمات التي كان يهمس بها وهي تبكي فتهدأ، تلك اللهفة التي لا تراها إلا في عينيه لها وحدها، حتى تذكرت أنها فقدت صوتها مع رحيله للأبد، تنظر لوردات الفل وتتذكر نبتتها التي تتدلى أعلى شرفتها وأنها قطفت زهراتها لتكون شاهدة على فرحها وحزنها، كان بياضها لؤلؤيا وهي تُزين دماءها المُنسابة أسفل الشرفة، تتنهد ثم تنظر ليدها الأخرى النائمة بين كفه، فتبكي من فرط سعادتها أنها معه.