مساحة إعلانية
توقف المترو فى المحطة المقابلة للفندق مباشرة ،لم يكن عليها سوى تجاوز المحطة والخروج الى الشارع ،الفندق تحفة معمارية مرصعة بعبق التاريخ ،وعلامة من علامات المجد القديمة،يقع الفندق فى وسط مدينة "لوزان "ويبعد عن بحيرة "جنيف "مسافة لا تتجاوز الخمس دقائق سيراً على الأقدام.
يتكون الفندق من 196 غرفة وجناحاً معظمهم يتمتع باطلالة ساحرة على بحيرة "جنيف" وجبال الألب،كلها من الغرف الفسيحة الأنيقة الفخمة والتى تم تجهيزها بأرقى وسائل الراحة الحديثة،بما فى ذلك منطقة الجلوس الملائمة للاسترخاء،دقات قلبها أعلى من صوت المترو المغادر ،نظراتها للفندق تئن وجعاً وكأنها تنتظر من يلوح لها بكفه من بعيد ،سألها ذات محادثة جمعت بينهما بماذا توسمين الديوان؟ أجابت ( هو ليس لي ) أردف قائلا : لابد لي من نسخة منه موقعة بخط يدك ،قالت : ارسل لى اى عنوان بريدى فى اى مكان فى أرجاء المعمورة وسوف أرسله لك مهما كلفنى الأمر ،ولكنه بسط لها الحلم قائلا : بعد الإنتهاء من طبع الديوان ضعيه فى أى مكتبة فى أى مكان فى بلادك بإسمى ،واكتبي على جدار المكتبة الخارجي (هو ليس لى) ووقعى أسفله وارفقى تاريخ ذلك اليوم وأعدك أن أصل إليه واستلمه ،وأوقع أسفل كلماتك بجملة ( تم التسليم) واترك تحت توقيعي تاريخ الاستلام.
الذكريات برغم جمالها أشعلت نار الحنين ، مرت سنوات عجاف على تلك المحادثة،أخذت نفسا عميقا ،وضمت شىء تمسكه يداها الى صدرها واتجهت الى الفندق ،فتاة الإستقبال فائقة الجمال شىء يصعب وصفه،قابلتها بابتسامه حانية ،ذكرتها الضيفة بأنها سبقت وحجزت غرفة عبر سفارى الانترنت لليلة واحدة ،أومأت فتاة الإستقبال وطلبت جواز السفر لاتمام بعض الإجراءات ،أكدت الضيفة انها لن تمكث سوى ليلة واحدة،وشردت بذهنها قليلا ،تذكرت انها باعت كل ماتملك من أجل هذة الليلة ،مكلف جدا السفر الى سويسرا ،والفندق المقصود ذو خمسة نجوم ،وتذكرة الطيران والمترو والفستان الذى ترتديه علما بأنها لم تحضر معها اى ملابس أخرى ،انها مجرد ليلة فى العمر ،صعدت سلم الفندق بعد إنهاء الإجراءات متجهة الى غرفتها فى الدور الثانى ،دوار الطيران لا يزال يعبث ب رأسها ،ستخلد للنوم فور وصولها الغرفة ،ظبطت منبه الوقت على توقيت معين ،واسلمت جسدها المنهك الى النوم .علا صوت المنبه ليوقظها من النوم بلهفة وكأنها على موعد مع الحنين ،عدلت من منظرها قليلا رغم كرمشة الفستان الذى لم تخلعه قبل نومها ،أمسكت ذلك الظرف الذى جاءت به ملاصقا لصدرها وخرجت من الغرفة ،نظرت للغرفة المقابلة لها مباشرة بشغف قاتل،نظرت شمالها ويمينها بقلق وريبة ،ثم اتجهت الى حائط الغرفة وكتبت ( هو ليس لى ) ووقعت أسفل الجملة وأرّخت المكتوب بالثانية عشر بتوقيت القلب ،إنحنت وزجت المظروف من تحت باب الغرفه المنشودة ،أدارت ظهرها، نظرت لغرفتها نظرة المودع بابتسامة شاحبة ،ونزلت السلم فى طريقها للمغادرة متجهة الى المطار ،وقبل وصولها باب الخروج أمسك بها حراس الفندق ،ارتعدت فرائسها ،لم تعى ما يحدث لها ،لم تسرق شىء ولم تسىء الى أحد ؟ أدارت وجهها للخلف طواعية لطلب حراس الأمن ،واذا به يقف أعلى الدرج بملابس نومه ،محتضنا الديوان بعد ان حررهُ من أسر المظروف المغلق ،ابتسامته ُ كفيلة بان تنسيها كل ماعانت من أجله ،لم يعد بينهما غير درج أحدهما يقف أعلاه والثانى أسفله