مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

المبدعون

خيانة - قصة قصيرة

2023-12-19 09:47 PM - 
خيانة - قصة قصيرة
منى ياسين
منبر

منى ياسين 
يجلس شاردا، حزينا كأن العالم انهار فوق رأسه، لم أره في هذه الحالة من قبل مهما اشتدت المواقف. أشفق عليه كثيرا فقد كنت مكانه يومًا ما ، أعود بذاكرتي لعام سابق، حين قدمت في مسابقة إذاعية وتم إرسال موعد الاختبار. حين أتى من عمله استقبلته بحماس لأقص عليه النبأ ، وكم أن حلم طفولتي على وشك التحقق. هنا كشر عن أنيابه بأنه غير مستعد لأخذ إجازة ليصطحبني. "لم أطلب منك هذا ولو أنني وددت أن تكون معي، فهذه أول مرة سأسافر فيها من شرم الشيخ إلى القاهرة ولست على دراية باستخدام المواصلات".
"أنا غير موافق أيضا على الفكرة برمتها، لنفترض أنك نجحت كيف ستوفقين بين البيت والعمل.. هل تدركين بُعد المسافة!"
 "لا آخذ الإذن، أنا فقط أخبرك بما سأفعل.. ذاك حلمي منذ الطفولة ولن أتنازل عنه. فلتفكر معي ماذا سأرتدي، وأي طريق أسهل.. وهل حجوزات الطيران تتم بسرعة؟ الموعد غدًا وهذا ليس باختياري تعديله".
استطاع أخذ إجازة من عمله واصطحبني على مضض، ثم صار يدعمني بكلمات مطمئنة ويتفاعل مع حماسي، ويخبرني أنه دومًا سيكون معي وسيشهد نجاحي، كنت أحتضنه فرحة كطفلة أخبروها أنها ستقضي يومها في مدينة الألعاب.
 وبالفعل تم نجاحي في الأداء الصوتي، حد كتابة عقد يقر فيه باسم البرنامج المقدم، ومدته وكافة البنود الأخرى. شعرت كأنني فوق السحاب والعصافير تغرد لتهنئتي، والشمس تنير العالم من أجلي، وأشجار السماء تساقط علي رطبا جنيا لآكل وأشرب ولأقر عيني ، حتى جاءني اتصال ينهي كل شيء، ويخبرني بفسخ العقد هكذا دون أسباب منطقية!
 فاتصلت بالمحامي الخاص بي مُرسلة له العقد، ومن ثم طالبته برفع قضية ضدهم، فمن يهدم حلمي لا رفقة له ولا شفقة، وسأطالب بتعويض مادي عن الضرر المعنوي الذي ألحقوه بي. لم أدرِ بنفسي إلا وأنا أتصل بعمي باكية منهارة أخبره أن زوجي خانني، وأنني لن أعيش معه مجددًا، قد انهار صمام الأمان بيننا فقد سولت له نفسه كسر قلبي، لقد كسر قلبي. لم يستوعب أن أدمر حياتي الزوجية من أجل وظيفة رفضها زوجي.. شرحت له ما حدث بالتفصيل وأنني ما علمت خديعته لي، إلا بعد أن أخذ المحامي إجراءاته، فهنا أخبروه أن زوجي هو من طلب منهم ذلك. أنتبه من شرودي على صوته "لقد رفضوا مشروعي، مشروعي الذي أخلصت له واستنفذت فيه جل خبرتي في المجال، هل تتخيلين أن أرى آخر أقل مني خبرة له مشروعًا مشابهًا ولكنه متكامل أكثر! أكاد أجن، من فعلها! من بدل الأوراق"؟ ، أربت على كتفه بشفقة حقيقية مع ابتسامة رضا داخلية، فقطعا أعلم جيدا هذا الشعور؛ ذاك الذي أسقيتانيه سابقا فرددته لك لاحقا.

مساحة إعلانية