مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

الرأي الحر

الشاعر الدكتور مصطفي رجب يكتب:أيامي السابقات ( 4)

2024-09-08 02:23:54 - 
الشاعر الدكتور مصطفي رجب يكتب:أيامي السابقات ( 4)
الشاعر الدكتور مصطفي رجب
منبر

بعد عدة أسابيع من وصولي جاء إلى قسمنا محاضر جديد من مصر تخصصه الأدب العربي ، وكان يعمل في مصر سكرتيرا لتحرير مجلة منبر الإسلام ، ويكتب أحيانا فيها بعض المقالات ، وكانت رسالته للماجستير عن شاعر عربي قديم ، ولا أتذكر الآن بلده ولا اسمه  ، لأنه كان متحفظا  في الكلام عن نفسه ، وماهي إلا أيام  واندلع صوت صاحبنا ( د. شبكة ) وهو يشرح أبياتا لطلابه ، فسأل الدكتور عبد الحميد الفلسطيني أخانا هذا : كيف تعرب كلمة كذا في هذا البيت ؟ ففوجئ الشاب واحمر وجهه وخجل ولم يعرف كيف يجيب ، فقلت للدكتور عبد الحميد : إعرابها كذا وكذا ، وهذا الزميل تخصصه الأدب وليس النحو والصرف .. وبدأت أشك في نوايا د. عبد الحميد ... مجرد شك .
لكن شكي تحول إلى يقين حين جاءنا بعد أيام فتى متفائل ضحوك طيب من أدغال القليوبية ليدرس ( القراءات) وهو خريج معهد القراءات العالي ، [ كلية القرآن الكريم بطنطا حاليا]  وكان ذلك المعهد يعطي مؤهلا عاليا ، ويقبل حفظة القرآن وإن لم يكونوا حاصلين على الثانوية الأزهرية ، وماهي إلا أيام حتى اندلع صوت صاحبنا ( د. شبكة ) وهو يشرح أبياتا لطلابه، فسأل الدكتور عبد الحميد الفلسطيني أخانا القراءاتي هذا : كيف تعرب كلمة كذا في هذا البيت ؟ واحمر وجه الفتى ... فقلت له : يا دكتور عبد الحميد ، زميلنا هذا خريج معهد قراءات ، اسأله عن القراءات يجبك ، أما الإعراب فأجيبك عنه أنا ...وأجبته 
حضر الدكتور الصعيدي علي النابي بعض هذه المواقف فكان " يزوووووم " ويصدر أصوات ضيق عنيفة لكنها دون حدود الاحتكاك المباشر بالدكتور عبد الحميد ..
خلال تلك الأيام كنت أنا قد تعرفت إلى صحف المملكة ( الرياض- عكاظ - المدينة -...الخ ) أشتريها وأقتنيها وبدأت أراسل ملاحق بعضها الأدبية الأسبوعية ، وأذكر أن قصيدة لي نشرت في إحداها بإخراج رائع  بعد أقل من خمسة عشر يوما من إقامتي هناك وبالطبع رآها جميع الزملاء بالقسم ...
وكان من عادة المصريين آنذاك أن يستضيف كل من معه أسرة أي قادم جديد على غداء أو عشاء ، وحدث هذا معي فقد دعوني جميعا وتغديت في بيوتهم إلا هذا الفلسطيني..
وكنت قد تعرفت إلى مقالات العلامة أبي تراب الظاهري الأسبوعية ، واشتريت ( جميع) كتبه [ وهي فرائد حقا وروائع حقا وأنصح كل مهتم باللغة والأدب باقتنائها  !!) من المكتبات وعكفت عليها ، فقد شدني أسلوبه اللغوي الغريب ، وأعجبتني حدته في خصوماته .
وذات يوم كنت وبعض الزملاء نجلس فجاء الدكتور عبد الحميد الفلسطيني وقال : لقد وضعت الليلة قاعدة لكتابة الهمزة المتوسطة[ أي الواقعة وسط كلمة] لم يسبقني إليها أحد من أيام سيبويه ! اكتبوها لعلها تنفعكم ، وكتبناها ...
وبعد أيام وجدت في كتاب أبي تراب الظاهري قاعدة مختصرة لكتابة الهمزة المتوسطة فأحضرت الكتاب معي ووضعته في درج مكتبي ، وانتظرت وقتا معينا يوم الاثنين يكون فيه جميع أعضاء القسم موجودين ، فقلت له وسط هذا الجمع الحاشد : كنت قلت لنا يا دكتور  إنك وضعت قاعدة لكتابة الهمزة المتوسطة، لم يسبقك إليها أحد من أيام سيبويه ! قال بفخر : نعم !
قلت له : ولكني وجدت هذه القاعدة قديمة ومستعملة وسبقك إليها أبو تراب الظاهري وذكرها في كتابه هذا ، وأخرجت الكتاب ورفعته وأريته لجميع الحاضرين ... فصرخ الدكتور /على النابي : الله أكبر ، فليحيا الصعيد . واحمر وجه الرجل وخجل خجلا شديدا وأقسم أنه لم ير كتاب أبي تراب من قبل ...
وبعد هذه الواقعة بأيام دعاني للغداء عنده في بيته ، فتشاورت مع رئيس القسم ود. علي النابي فتردد رئيس القسم ورفض علي النابي أن أذهب خشية أن يسمني ... ورزع طلاقا ثلاثا لو سمَّني ليقتلنه ...
ونستكمل غدا

مساحة إعلانية