مساحة إعلانية
مستقبل أفضل لبعض المرشحين السابقين والأحزاب الجديدة وعلي العريقة إعادة ترتيب أوراقها
الرئيس السيسى أكد في كلمته عقب إعلان فوزه في الانتخابات أن المجال العام سيكون أكثر انفتاحاً
فور إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية خرج الرئيس عبد الفتاح السيسي ليشكر الشعب المصري ليس فقط علي تجديد الثقة فيه ومنحه فترة رئاسية جديدة ولكن أيضاً علي كثافة المشاركة التي أبرزت للعالم مدي وعي هذا الشعب وتوحده خلف القيادة السياسية وخلف جيشه الباسل خاصةً في أوقات المحن والأزمات والحروب الآنية والمستقبلية والمحتملة، وفي هذا السياق أكد السيسي أن فترة رئاسته القادمة التي سوف تبدأ رسميا خلال العام الجديد وتحديداً مطلع أبريل المقبل، ستكون فترة للمزيد من الحريات العامة والحقوق السياسية والمدنية، بعد أن تم بناء أركان الدولة من دحر الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار إلي بناء المدن الجديدة والبنية التحتية والمشروعات العملاقة، وكما وعد الرئيس بأنه بعد تحقيق الاستقرار الأمني والاقتصادي تبدأ الحقوق الأخري لأن الحق الأول للإنسان هو حق الحياة الآمنة وإيجاد قوت يومه ومسكن أدمي يأويه، ثم يأتي بعد ذلك في فقه الأولويات حق التظاهر والتعبير عن الرأي وممارسة المعارضة، وبالفعل أوفي السيسي بوعوده وأطلق سراح المحبوسين بموجب عفو رئاسي، وتم إنشاء كيانات سياسية مهمة مثل تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين وأكاديمية إعداد القادة وأصبح من هؤلاء نواب ومساعدين للمحافظين والوزراء وأيضاً نواب في البرلمان، ولأن الرئيس يعلم أن فترة رئاسته القادمة قد تكون الأخيرة في حالة بقاء الدستور المصري علي نصوصه الحالية، فقد دعا القوي السياسية إلي الحوار الوطني حيث يجمع الخبراء علي أن أعظم انجاز يحققه أي رئيس هو تحقيق وتفعيل مبدأ التداول السلمي للسلطة وتسليم السلطة في حياته بشكل ديمقراطي آمن.
وبتحليل نتائج الانتخابات يري الباحثون في الشأن الانتخابي أن وجود المهندس حازم عمر في المركز الثاني رغم حداثة عهده نسبياً بالسياسة وحداثة الحزب الذي يترأسه وقدرته علي جمع ٦٨ ألف توكيل ووجود عدد كبير من النواب الداعمين والمنتمين له تحت قبة البرلمان كلها مؤشرات تؤكد قدرة هذا الرجل علي مواصلة الطريق السياسي لتكون له فرص أفضل في المرات القادمة.
وعلي الجانب الآخر جاءت الارقام التي حصل عليها المرشح السابق فريد زهران غير مرضية رغم تقاربها مع أرقام ( عمر) لأن ( زهران) من المفترض أنه يمارس السياسة منذ السبعينيات وكان أحد قيادات الحركة الطلابية ومنخرط بشكل فعال ومعروف لدي أوساط المثقفين بحكم امتلاكه دار نشر إلي جانب كونه من قيادات التيار اليساري الناصرى، لتكشف تلك الأرقام فشل هذا التيار العريق في التوحد خلف قيادة حيث خرج علينا أحد كبار الصحفيين الناصريين في وسائل الإعلام ليشكو من عدم قدرة أحمد طنطاوي علي جمع التوكيلات وكذلك جميلة إسماعيل علما بأن ( طنطاوي) ينتمي لنفس التيار الحمديني وكان بإمكانه أن يحصل علي تأييد من دعموا ( زهران) لو كانوا (شايفين فيه رجا) ولماذا لم يلتف هذا التيار خلف طنطاوي ليجمعوا له التوكيلات كما لم يلتفوا خلف زهران ليحقق بهم أرقام تليق بتاريخ التيار الزعامي وتاريخه هو شخصيا كرجل قضي في هذا المجال ما يقرب من نصف قرن، أما جميلة فهي تنتمي للتيار الليبرالي البرادعاوي وزوجها السابق أيمن نور من أصل وفدي ومع ذلك فضل الجميع التباكي علي طنطاوي وفضلت هي الانسحاب عن أن تسعي إلي جمع التيار الليبرالي واحزابه حولها.
وعلي ذكر الأحزاب الليبرالية العريقة تأتي النتائج القاتلة لمرشح حزب الوفد، الذي تعلمنا أنه زعيم تيار الوطنية الليبرالية وربما تناسي البعض أن للوفد سقطات متكررة متعلقة بتحالفه مع جماعة الإخوان الإرهابية في الانتخابات البرلمانية عدة مرات سابقة، والآن وحين تم إدراج الجماعة كمنظمة إرهابية وفقدت قواعدها في الشارع حقق الوفد أرقاما قاسية من الظلم تحميلها إلي شخص الدكتور عبد السند يمامة وحده، لأن حزب الوفد تحديداً والتيار الليبرالي بشكل عام لا يقل عن اليساري من حيث الاحتياج إلي زعيم جديد قادر علي توحيد الصفوف.
وإذا كانت فترة الرئاسة الجديدة تتطلب من الدولة والرئيس فتح المجال العام ليفرز المزيد من الكوادر فإن الأمر ليس دوره وحده ولكن يتعين علي كل حزب وكل تيار أن يعيد ترتيب أوراقه، وإذا كان التيار اليساري يوماً ما تجمع خلف حمدين صباحي والليبراليين دعموا محمد البرادعي، ولكن لظروف تتعلق بالحالة السنية والصحية يجب تفريخ أجيال جديدة شابة أو في أعمار تؤهلها لمواصلة العمل السياسي والعام والاحتكاك بالجماهير علي الأرض لمدة ٦ سنوات قادمة ليصبح بعدها لدينا أسماء قادرة علي المنافسة.
ولا يقتصر الأمر علي كوادر وقيادات الأحزاب السياسية فقط، ولكن يجب أيضاً علي العسكريين المتقاعدين في أعمار أربعينية وخمسينية الانخراط في الأحزاب السياسية وخوض الانتخابات البرلمانية وانتخابات المحليات لأنه قدر مصر منذ فجر التاريخ أن تقع في منطقة ملتهبة وأن تحيطها الأطماع من كل جانب وألا ينقذها إلا جيشها الذي أسسها منذ مينا موحد القطرين مروراً بأحمس وتحتمس ورمسيس وناصر والسادات ووصولاً إلي عبد الفتاح السيسي، ونحن هنا لا نخترع أمرا غريبا علي العالم بل من ينظر إلي تاريخ شارل ديجول وتشرشل وايزينهاور يجد أن كل منهم كان قائد عسكري متقاعد انخرط في الشأن السياسي حتي وصل إلي سدة الحكم في بلاده في لحظة فارقة من تاريخها كانت تتطلب أو تنادي علي رجل بعينه.