مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

قضايانا

إيمان بدر تكتب :أزمات اقتصادية متوقعة تضرب الدول العربية وشمال إفريقيا

2024-01-17 06:09:24 - 
إيمان بدر تكتب :أزمات اقتصادية متوقعة تضرب الدول العربية وشمال إفريقيا
صورة تعبيرية
منبر

كعادتنا كعرب ( نيجي في الهايفة ونتصدر) والهايفة هنا تعني مالا يعنينا سواء اختلفنا أو اختلفنا لأن المنطق يدعو للاختلاف علي طول الخط في كل ما هو مثلي جنسياً ولكن مهما بلغت اعتراضاتنا ورفضنا لهذا السلوك ليس من حق أحد التدخل في شئون الدول الأخرى، وإذا كانت دولة بحجم فرنسا اختارت أن يكون رئيس حكومتها الجديد مثلي جنسياً يجاهر بذلك فهذا أمر لا ناقة لنا فيه ولا جمل، ولكن ما يعنينا كعرب وافارقة ومسلمين ومصريين هو مواقف وسياسات هذا الشخص ( غابرييل اتال) والخلفية التي أتي منها، وبالرغم من كونه قيادي في حزب الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ( إلي الأمام) ولكنه من اصل اشتراكي ومع ذلك يحظي بشعبية كبيرة لدي قوي اليمين المتطرفة في فرنسا، أما عن أسباب هذه الشعبية فترجع إلي أنه وقتما كان وزيراً للتعليم أتخذ قرارات حاسمة في مواجهة الحريات الدينية خاصةً للمسلمين في مدارس فرنسا علي خلفية حادث ذبح أحد المدرسين الفرنسيين بيد متطرف مسلم، ومن ثم سارع ( اتال) إلي إصدار قانون عرف بقانون منع العباءة الإسلامية في المدارس الفرنسية، أما حين أصبح متحدثاً باسم الحكومة الفرنسية إبان جائحة كورونا فقد تبني الدفاع عن قرارات ترحيل المهاجرين العرب والأفارقة من فرنسا والتضييق علي منح تصاريح هجرة وإقامة جديدة، علي خلفية أحداث العنف التي وقعت في إحدي ضواحي باريس عقب مقتل شاب من أصل عربي ينتمي إلي إحدي دول المغرب العربي.
وعلي خلفية ما سبق استعان ( ماكرون) بمن يسمونه الشاب أتال بعد أن استقالت رئيسة الوزراء السابقة اليزابيث بورن بسبب اعتراض الأخيرة علي قوانين التقاعد من ناحية والتضييق علي المهاجرين من ناحية أخري وجاء الشاب لينفذ سياسات رئيسه المعروف بأنه مقرب منه بل وهو حصان ماكرون الرابح في انتخابات البرلمان الأوروبي الوشيكة ليواجه به قوي اليمين المتطرفة الصاعدة بسرعة بقيادة منافسة ماكرون اللدود مارين لوبان، وقد يمتد الأمر إلي أن يكون ( أتال) هو المرشح الاقوي لخلافة ماكرون نفسه ورئاسة فرنسا في انتخابات الرئاسة عام ٢٠٢٧.
ومن غرائب الإعلام العربي أنهم تركوا تحليل هذه المعلومات والارقام وتحدثوا بإسهاب عن الشاب البالغ من العمر ٣٤ عاماً وميوله الجنسية، وتناسوا أنه أحد أبرز المدافعين عما يسمي عقوبات معاداة السامية أي أنه يجاهر بانتماءاته الصهيونية المنحازة لإسرائيل ناهيك عن إصراره علي ما يمكن أن يسمي ( فرنسة فرنسا) بمعني إعادة المهاجرين إلي بلادهم وترحيلهم خارج بلاده وله مواقف ليست جيدة تجاه العرب والمسلمين والأفارقة كما أشرنا، وتحدثنا الأرقام عن وجود ما يقرب من ١٠ مليون مهاجر من أصول عربية وافريقية داخل بلاد برج ايفل علماً بأن ترحيل هؤلاء ينذر بأزمة اقتصادية داخل العديد من الدول العربية والإفريقية ومن بينها مصر التي لديها شارع كامل في باريس يسكنه المصريين أبناء قرية ميت بدر حلاوة بمحافظة الغربية تحديداً، ناهيك عن وجود عشرات الآلاف من اللبنانيين والسوريين بالطبع لن يستطيع هؤلاء العودة إلي بلادهم بسبب الظروف القاسية التي تعيشها وسيجدوا الفرصة أفضل للمجئ إلي مصر في ظل وجود مئات الآلاف من السوريين واللبنانيين والفلسطينيين علي أرضها من بينهم أقارب وأصدقاء للعائدون من فرنسا كما أن لديهم مشروعات قادرة علي استيعابهم، ولكن السؤال الأخطر هنا هل سوق العمل المحلي قادر علي استيعاب هؤلاء سواء كانوا مصريون عائدون إلي بلدهم أو وافدون جدد مرحلين من فرنسا حاملي جنسيات دول لا يستطيعون العودة إليها، أم سينضمون جميعاً إلي طوابير العاطلين وربما المشردين بلا عمل ولا مأوي لعدم قدرتهم علي إيجاد سكن مناسب، ولا يقتصر الأمر علي الشق الإقتصادي ولكن هناك الجانب الأمني إذا كانت حكومة فرنسا الجديدة كشأن باقي حكومات أوروبا سوف تتجه إلي لفظ المنتمين إلي التيارات المتأسلمة والمتطرفة وإعادتهم إلي بلادهم كيف سنتعامل أمنيا مع هؤلاء وكيف يمكن أن يستوعب المجتمع المصري الذي يعاني بالفعل من ظواهر متأسلفة متطرفة المزيد من ذوي الأفكار الاكثر تطرفا والباحثين عن حريات كتلك التي تربوا عليها حتي لو وصلت إلي حرية التخريب والإرهاب، ولنتذكر هنا فيلم تونسي بعنوان ( زهرة حلب) تحدث عن فكرة تصفية تنظيم داعش الإرهابي في سوريا وعودة أكثر من ١٠ آلاف داعشي من أصل تونسي إلي بلادهم وطرح الفيلم تساؤلات حول مدي قدرة هؤلاء ليس فقط علي ارتكاب جرائم عنف وإحداث فوضي تضر بالسياحة والاقتصاد ولكن الأهم هو قدرتهم علي تغيير هوية المجتمع وتحويله إلي صمت غريب عن الحضارة التونسية القائمة علي الحريات والتمدن، تلك الفكرة ليست قاصرة علي تونس ولكن نحن في مصر أيضا عانينا من تغيير شكل المجتمع ومسخ هويته بسبب العائدون من أفغانستان والشيشان وكذلك العائدون من بلاد النفط التي تحررت الآن من هذه الأفكار وتركتها لنا، ليبقي السؤال هو هل المجتمع المصري قادر علي استيعاب العائدون من فرنسا بأفكار بعضها متطرف متشدد من ناحية وبعضها الآخر تربي علي حرية الشذوذ من ناحية أخرى.

مساحة إعلانية