مساحة إعلانية
بقلم: سليموف خولمورود خوجايفيتش
نائب رئيس اتحاد الصحفيين بأوزبكستان
تستضيف العاصمة الأوزبكية طشقند في 5 مايو 2025، قمة تاريخية بين دول آسيا الوسطى ومجلس التعاون لدول الخليج العربي، في حدث يُعدّ الأول من نوعه على هذا المستوى. هذه القمة ليست مجرد تجمع دبلوماسي، بل تمثل منعطفًا استراتيجيًا في مسار العلاقات بين المنطقتين، وتسهم في تقارب جيوسياسي واقتصادي أوسع بين العالم العربي وآسيا الوسطى.
رغم التباعد الجغرافي، تتقاسم دول آسيا الوسطى ودول الخليج العديد من المصالح المشتركة، مثل: النمو الاقتصادي، وأمن الطاقة والغذاء، والاستقرار الإقليمي، هذا إلي جانب العلاقات الدينية والثقافية والقيم المشتركة التي تجمع بين شعبي الجانبين. ومن المتوقع أن ترسي القمة أسسًا لتوسيع التعاون في مجالات الطاقة، اللوجستيات، التعليم، السياحة، والاستثمار.
برزت أوزبكستان خلال السنوات الأخيرة كلاعب دبلوماسي نشط، أكبر دول آسيا الوسطى من حيث عدد السكان والإمكانات الاقتصادية. وتحت قيادة الرئيس شوكت ميرضيائيف، تبنت سياسة خارجية براجماتية وأكثر ديناميكية، وجعلت من نفسها مركزًا إقليميًا للتعاون. وتهدف إلى تعزيز التعاون الإقليمي والانفتاح على الشراكات الاستراتيجية، لا سيما مع الدول العربية والخليجية.
توفر قمة طشقند منصة فريدة لمناقشة مجالات التعاون في الأمن الغذائي والطاقة، واللوجستيات، والتعليم، والسياحة. ومن المتوقع مشاركة رفيعة المستوى من السعودية، الإمارات، قطر، البحرين، وعُمان، والكويت، ما يعكس الأهمية المتزايدة للعلاقات بين آسيا الوسطى والخليج العربي.
تشهد علاقات أوزبكستان مع المملكة العربية السعودية نموًا سريعًا، خاصة في مجال الطاقة عبر مشاريع شركة ACWA Power، بالإضافة إلى التعاون في مجال السياحة الدينية "الحج والعمرة"، مما يعزز الروابط الإنسانية والدينية والثقافية بين الشعبين.
تُعد دولة الإمارات العربية المتحدة من أبرز الشركاء الاستراتيجيين في مجالات الطاقة المتجددة، والتقنيات، والتحول الرقمي. وتلعب شركة Masdar دورًا رياديًا في تنفيذ مشاريع الطاقة الشمسية والرياح. وتُشارك شركة دي بي وورلد في تطوير مراكز لوجستية في أوزبكستان.
تعزز قطر التعاون في مجالي التعليم والتمويل، حيث افتتح بنك قطر الوطني مكتبًا تمثيليًا في طشقند عام 2024. بينما تشهد العلاقات مع البحرين تطورًا دبلوماسيًا وتجاريًا بعد استئناف علاقاتها الدبلوماسية والتجارية. وتملك عُمان، من خلال موانئها مثل صلالة، أهمية استراتيجية في ربط أوزبكستان بالممرات البحرية العالمية. كما أن هناك توجهًا كبيرًا للتعاون مع الكويت في عدد من القطاعات التي تهم البلدين.
من المتوقع توقيع أكثر من 50 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين دول آسيا الوسطى ودول مجلس التعاون الخليجي. ومع ناتج محلي إجمالي مشترك يتجاوز 4 تريليونات دولار، تسعى الدول المشاركة لرفع حجم التبادل التجاري والاستثماري. وتعد القمة فرصة لأوزبكستان لتعزيز صورتها الدولية كلاعب مركزي في العالم الإسلامي، وليس فقط في آسيا الوسطى.
تُعد قمة طشقند إشارة إيجابية لمصر وغيرها من الدول العربية لتعزيز حضورها في آسيا الوسطى. ويمكن أن تمهد هذه القمة الطريق لتعزيز التعاون المصري- الأوزبكي ضمن أطر التعاون العربي الأوسع. حيث توفر قمة طشقند فرصة لتعزيز التعاون في مجالات التعليم، الزراعة، والثقافة الإسلامية. وكدولة محورية في العالم الإسلامي، يمكن لمصر توسيع حضورها في آسيا الوسطى من خلال شراكات أكاديمية وتنموية.
قمة طشقند المقرر عقدها في 5 مايو ليست مجرد حدث إقليمي، بل محطة مفصلية في طريق التكامل العربي- الآسيوي. حيث تشكل بداية لمرحلة جديدة من التعاون المبني على الثقة والمصالح المشتركة تلعب أوزبكستان دورًا محوريًا في تعزيز السلام والتنمية والتقارب بين الشعوب. ومع تقارب آسيا الوسطى ودول الخليج، يلوح في الأفق مستقبل أكثر تكاملاً للعالم الإسلامي بأسره.