مساحة إعلانية
المرأة التي مشت فوق الزمن كنسمةٍ ملكية تصنع نهضة
في زمنٍ كان فيه الصمتُ قدرًا للنساء، خرجت أميرةٌ من سلالة النور لتقول للعالم:
إن المرأة ليست ظلًّا، بل شمسًا قادرة على أن تفتح النهار وحدها.
كانت الأميرة نازلي فاضل تمشي في قصور القاهرة كأنها قصيدة، وتُمسك الكتب كما تُمسك النساء الأنيقات مفاتيح البيوت، لكن كتابها الأعظم لم يكن في مكتبتها… بل في الرجال الذين مرّوا بحياتها فصاروا فصولًا من نهضةٍ كاملة.
كانت تحمل ملامح الأمراء، لكن روحها كانت روح حكمة خالدة، تُشبه مدائن الشرق حين تفتح نوافذها على الغرب دون أن تنسى سجادة الشرق على أرضها.
صالونها… حيث كانت الكلمات تتوّج أصحابها
في صالونها، تنحني الثريات على ضيوفها كما لو أنها تستمع.
كانت المقاعد تلمع بالحديث، وكانت نازلي — في ثوبها الهادئ —
تسقي العقول قهوةً من نورٍ لا يُشرب بل يُستبصر.
هناك جلس الأفغاني،
وتنهد محمد عبده،
واستقام قاسم أمين على فكرةٍ جديدة،
وابتسم سعد زغلول لأول مرةٍ كمن رأى مصيره يلوّح له من بعيد.
لم تكن نازلي “تدير صالونًا”؛
كانت تدير مزاج النهضة، وتعيد ترتيب المعاني بين الشرق والغرب،
وتصنع على مهلٍ جيلاً يعرف أن العلم لا يقلّ مهابة عن السيوف.
قاسم أمين… حين يظهر الكتاب من قلب امرأة
يقولون إن المرأة لا تغيّر التاريخ،
لكن قاسم أمين — حين كتب تحرير المرأة —
كان يعرف في سرّه أن الكتاب وُلد في ليلةٍ من ليالي صالون الأميرة،
حين تحدّثت معه عن العقل والعدل والحرية،
وحين رآها تمشي بين الكتب كأنها جزءٌ من المستقبل.
لقد كانت نازلي المرآة التي رأى فيها قاسم أمين المرأة الحقيقية،
لا صورة المجتمع التي وُضعت فوقها الأقفال.
ومن يومها صار لنساء مصر طريقٌ في النهار.
سعد زغلول… الطائر الذي شحذ جناحيه في صالون أميرة
دخل سعد زغلول صالونها شابًا،
فوجد في تلك الأميرة درسًا أوضح من كل الجامعات:
أن الحرية لا تُعطى، بل تُنتزع.
وأن الأوطان لا تنام إلا إذا بقي في قلوب أبنائها امرأةٌ تُذكّرهم بكرامتهم.
ومن يومها ظلَّ يحتفظ بصورتها في قصره،
ليس لأنها أميرة…
بل لأنها اليد التي رفعت الستار عن مسرح حياته،
وتركته يرى ما يمكن أن يكون.
نازلي… صوت النهضة الذي كان يختبئ في جسم امرأة
يا سيّدتي…
كيف جمعتِ بين أناقة الريشة وقوّة السيف؟
بين خفوت الخطوات وعلوّ الفكرة؟
بين حرير الثياب وحدّة العقل؟
لقد كنتِ سابقة لعصرك،
عالمةً دون أن تتخرّجي من جامعة،
قائدةً دون منصب،
ملهمةً دون أن تطلبي اعترافًا من أحد.
لقد عبر منكِ الفكر العربي كما تعبر الشمس نافذةً نظيفة.
ومن صالونك خرجت مصر أكثر قدرة على أن تقول: نريد أن ننهض.
لماذا تبقين حتى اليوم أميرةً لا تُشبه أحدًا؟
لأنكِ:
كتبتِ على وجوه الرجال ما لم يجرؤوا على كتابته بأيديهم،
وكنتِ أولى نساء الشرق اللواتي وضعن تاج الفكر فوق رؤوسهن بدل الذهب،
وصنعتِ نهضةً بلا خطبٍ ولا شعارات… فقط بنور شخصيةٍ لم تتكرر.
أنتِ درّة التاج العربي،
والنبع الذي شرب منه سعد وقاسم ومحمد عبده؛
أنتِ الصفحة التي لم تُكتب كما يجب،
والحكاية التي ما زال التاريخ يسهو عن إنصافها.
نازلي فاضل ليست ذكرى،
إنها نافذة مفتوحة على زمنٍ كان يمكن أن يكون أجمل،
وشعلة صغيرة في قصر كبير،
لكن ضوءها ظلّ يرافق مصر حتى اليوم.