مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

المبدعون

لسنا لاجئين يا سيدي الوطن ... شعر حسني الإتلاتى

2025-07-06 21:49:03 - 
لسنا لاجئين يا سيدي الوطن ... شعر حسني الإتلاتى
الشاعر حسني الإتلاتى

لم أصلب عودي منذ  زمن بعيد

منذ قيام الحرب

ولماذا الحرب؟

الأب عمودك الفقري

الأم تغريك بالانتقام

  تدعوك أن تأكل كبد من ظلمك

الأخت أمك الثانية

تدعو لك وتبكي عليك

وأخوك عصاك الغليظة

 تهشم بها أرؤس الأعداء

الوطن يملك  غراء شديدا

يلصق قدميك فلا تطير

 تمشي ببطء لكنك تمشي بثقة

الوطن يملك أوكسجينا كافيا للتنفس

 رغم الفقر

ورغم الحرب

و رغم الموت

حتى الموتى في الوطن أحياء

يزورهم الأهل في الأعياد

وفي نصف شعبان

وفي المولد

وفي عاشوراء

في البلاد البعيدة

نحن أحياء لكن موتى

وحين نموت في الغربة نموت فعلا

لا جنازة حارة

لا ندب ولا لطم ولا بكاء

ولا سرادق كبير

يتباهى أهلك بالثياب الكشمير

وبعلب السجائر  يفتحونها للمعزين

وموائد الطعام للقادمين

لكن

نحن في الغربة حين نموت نموت

لا ورد على القبر

لا فاتحة

لا زيارات

في البلاد البعيدة

نحن نملك آلاف الأصدقاء

لكنهم ليسوا أصدقاء

في الوطن نملك  الأصدقاء أصدقاء

منذ الحرب

لا نملك  لا الأهل ولا القبر ولا الذكريات

في البلاد البعيدة

نحن أعواد  قمح

وأعواد القمح لا تنبت في غير تربتها

 في البلاد البعيدة ينظرون إليك شذرا

كأنك بلا وطن

كأنك لاجئ

ثقافتك في عيونهم مدعاة للضحك

لهجتك مدعاة للسخرية

حتى لونك

هم الذين خلقهم الله رجالا ثم اكتفى بهم

كل اللاجئين يستحقون الرحمة

كل اللاجئين يستحقون الرثاء

يملك اللاجئ خمسين بيتا

ولا يملك بيتا واحدا

يملك خمسين سريرا ولا ينام

يملك زوجة لكنه لا يستطيع احتضانها

لا يستطيع أن  يضع يدها في يده

فاللاجئون لا يتمتعون كأهل البلاد بكل الحقوق

إذا كنا جميعا أبناء آدم

فمن الغريب ومن صاحب الوطن

من العدو ومن الحبيب

من قال إن الناس سواسية كأسنان المشط

حتى أسنان المشط ليست متساوية

يشعر اللاجئون بالاغتراب

الاكتئاب مشروبهم رغم الأغاني الصاخبة

يحمل اللاجئون أوطانهم فوق أكتافهم

والوطن مثل الأم تبيض عيناه من الحزن

الذين أشعلوا الحروب يملكون الوطن

والضحايا  نحن

من قتلته الحرب نجا

ومن هرب قتلته الغربة

نحن لسنا لاجئين يا سيدي الوطن

مساحة إعلانية