مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

المبدعون

شمس الحقيقة - قصة قصيرة

2023-11-11 10:12:31 -  تحديث:  2023-11-11 02:40:01 - 
شمس الحقيقة  - قصة قصيرة
طارق حنفي
منبر

طارق حنفي
أسير وحيدًا منذ بضع دقائق في شارع طويل عريض، أتلفت حول نفسي فلا ألمح أحدًا على مرمى البصر.. كما لا أجد ما أحتمي به من أشعة الشمس التي لم تجد غيري لتضربه في هذا الوقت من الظهيرة، أشعر أنها تُجمع أشعتها في شعاع واحد يتعامد على رأسي تمامًا، ولم لا؟! فهي لم تجد غيري.. لقد انتهيت من عمل أشعة القلب مبكرًا، وأصررتُ على مغادرة مركز الأشعة، على الرغم من نصح البعض لي بالانتظار وعدم المغادرة في هذا الوقت من النهار حيث درجة الحرارة في ذروتها.. 
درجات الحرارة التي قفزت بجنون خلال السنوات الأخيرة، أشعة الشمس نفسها قد اختلفت عن السابق؛ فهي لا تكتفي باختراق الملابس بل صارت تخترق الجلد واللحم وتحرق العظم.. وعلى العكس من ذلك، صارت برودة الشتاء تخترق النفوس، وتزيدها همًّا وغمّا.. كما امتلأ العالم بالمشوهين خلقيًّأ وفكريًّا، عقول فارغة ونفوس مريضة. لكن لماذا لا يوجد غيري في هذا الشارع؟ أتكون مقدمة لاستجابة السماء دعائي؟ فأُخِذَ أصحاب البذاءات والأفكار المتدنية من هذا الشارع تمهيدًا لأخذهم جميعًا! وما أكثرهم!.. آه، أخيرًا! أتمنى أن يكون ما أراه على المدى محطة الحافلات بالفعل وليس سرابًا، ها أنا أدنو منها كما تدنو الشمس من رأسي.. أتصبب عرقًا غزيرًا، الصداع يكتنف رأسي. أدركت المحطة بعد طول عناء، ألقيت جسدي على مقعد من ثلاثة، لكن الشمس ما زالت تستهدف رأسي؛ فلا توجد مظلة من أي نوع تظلل الجالسين على المقاعد.. أتذكر أني سمعت أحدهم يقول ذات مرة: كانت توجد مظلة قبل بضع سنين لكن ريح عاصف اقتلعتها من مكانها وأطاحت بها بعيدًا، وقال آخر: لقد سُرقت، لكني أميل إلى الرأي الذي ينادي بأنه لم توجد واحدة من الأساس.. أشعر بالغثيان، آه لو تأتي الحافلة في موعدها لتنقذني من احتفاء الشمس المبالغ فيه!.. حرارة جسدي ترتفع، الشمس تحاصرني، بدأت أشعتها تتسلل إلى داخل رأسي، تمس عقلي، النبض يتسارع، يهرول النفس خلفه، أين الحافلة؟ كيف أصبحت الرؤية مشوشة هكذا على الرغم من سطوع الشمس؟!.. آه الشمس!.. الدم يغلي في رأسي، عقلي يذوب، الأفكار تتداخل، تتسارع، تتصارع.. 
- ماذا لو كانت نظرية الأرض المعاكسة حقيقية؟! ماذا لو كان هناك كوكب أرض آخر خلف الشمس تعجز العين البشرية عن رؤيته؟!  
- أمن الممكن! أتكون الشمس نفسها واحدة من السبعة أراضين؟! 
- الأرض السابعة تحديدًا، أسفل الأسفلين. 
- وأرضنا هذه هي الرابعة في الترتيب. 
- وعن يمينها ثلاثة أراضين يتدرجون في النور حتى يصلوا إلى الأرض الأولى حيث النور على أشده لتكون ما يشبه شمس النور.  
- نعم، شمس تنشر النور على أرواح العارفين، لا تُرى إلا بنور البصيرة.  
- وتكون أعمال الشر هي وقود شمس النار التي ارتفعت حرارتها -بجنون- مؤخرًا، تلك التي تبقي الأجساد المادية حية، فترى الأعين بنور النار وتبعث الحرارة في الأجساد. 
- وأعمال الخير هي وقود الأرض الأولى (شمس النور) التي قل نورها مؤخرا، تلك التي تبعث الدفء في الأرواح وتنير العقول بالأفكار العظيمة. 
هل توصلت إلى نظرية جديدة في هذا العمر؟ نظرية لا يمكن التحقق من صحتها للأسف، إنها نظرية بلا برهان.. عضلات جسدي تختلج جميعًا، نار تسري في جسدي، مخي يغلي، ثقل يطبق على صدري، لا أستطيع التنفس.. أخيرًا، هدأ كل شيء، ما هذا الذي أراه؟ هناك شمس من النور الصافي.. أبصر ما ينير عقلي ويستأصل الظلمة من صدري. 

مساحة إعلانية