مساحة إعلانية
* رئيس لجنة الصحة بحزب الريادة
في ظل مساعي الدولة المصرية نحو بناء "الجمهورية الجديدة"، تتجلى رؤية القيادة السياسية في تحقيق الاكتفاء الذاتي في مختلف القطاعات، وعلى رأسها قطاع الغذاء، وخاصة البروتينات، لما لها من أهمية حيوية في الأمن الغذائي والصحي للمواطنين.
تتعدد مصادر البروتينات بين الحيوانية والنباتية، والفرق الجوهري بينهما يكمن في نوعية الأحماض الأمينية التي تحتوي عليها. فالبروتينات الحيوانية، مثل تلك الموجودة في لحوم الأبقار، الأغنام، الدواجن والأسماك، تحتوي على الأحماض الأمينية الأساسية التي لا يستطيع جسم الإنسان إنتاجها بنفسه، بينما البروتينات النباتية – كالفول والعدس – تحتوي على أحماض أمينية غير أساسية يستطيع الجسم تكوينها.
وبالتالي، فإن الجسم البشري بحاجة إلى كلا النوعين، إلا أن حاجته للبروتين الحيواني الأساسي تظل أكثر إلحاحًا، خاصة في مراحل النمو والتطور.
قد تكون الإجابة قد بدأت تتضح فعليًا مع المبادرات الرئاسية الطموحة، وعلى رأسها مبادرة "تربية رؤوس الماشية"، التي أطلقها فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، والتي تهدف إلى تعزيز إنتاج اللحوم والألبان في آنٍ واحد.
تستفيد الدولة من هذه المبادرة في شقين:
أولاً: عبر دعم تربية الأبقار الحلاب، مما يسهم في إنتاج الألبان محليًا، وتقليل الاعتماد على الاستيراد، خاصة في صناعة ألبان الأطفال التي تمثل عبئًا كبيرًا على موازنة الدولة من حيث العملة الصعبة.
ثانيًا: رفع كفاءة الإنتاج الحيواني المحلي عبر إدخال سلالات محسنة من الأبقار، مع التأكيد على أهمية ملاءمة هذه السلالات للبيئة المصرية. وهنا تظهر أهمية التنسيق بين وزارة الزراعة وأجهزة الطب البيطري، لتفادي استيراد سلالات أوروبية معتادة على الأجواء الباردة، فتفشل في التكيّف مع حرارة المناخ المصري.
من جهة أخرى، يمكن لمصر أن تستفيد من التجارب الأفريقية الرائدة في هذا المجال، حيث تُعد دول مثل نيجيريا، جنوب أفريقيا، كينيا وتنزانيا من أبرز المصدرين للبروتينات الحيوانية في القارة، بفضل وفرة المراعي الخضراء والتنظيم الفعال لهذا القطاع.
ولو تم تنظيم قطاع الإنتاج الحيواني في مصر وفق أسس علمية حديثة، واعتماد تقنيات التربية المستدامة وتطوير الصناعات المرتبطة به، فإن مصر تمتلك القدرة – بفضل مواردها البشرية والطبيعية – على الانتقال من مرحلة الاستيراد إلى الاكتفاء الذاتي، بل والتصدير، في فترة زمنية قصيرة.
ختامًا، فإن الاكتفاء الذاتي من البروتينات ليس مجرد هدف اقتصادي، بل هو ركيزة من ركائز الأمن القومي الصحي والاجتماعي في الجمهورية الجديدة ويتطلب تحقيق هذا الهدف تكاملًا بين إرادة سياسية واضحة، وخطط علمية مدروسة، واستثمار حقيقي في الإنسان والحيوان والمورد.