مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

المبدعون

حرباء المدينة... بقلم إيمان العطيفى

2025-06-07 22:20:55 - 
حرباء المدينة... بقلم إيمان العطيفى
إيمان العطيفى

" الحيطان لها آذان " جملة سمعناها كثيرأ وصدقناها عن تجربة أكثر وأكثر ،أما " الحيطان لها لسان " فهى جديدة كليا ، لكنها تسمع جدران غرفتها تنهرها كلما جن الليل وخفتت الأضواء ( أنت كاذبة ) تتكرر من الجهات الاربع على التوالى ،كاذبة ،حقيرة، حزينة ، تتحرك الجدران ، تضيق عليها الخناق تكاد تطحنها طحنا ، تصم أذنيها بكفيها ، تصرخ، تهوى على الأرض تدفن رأسها بين قدميها ، تتوسل إلى الجدران أن تصمت.

عرفته داعرا ، عربيدا ، لم تستهويه يوماً عاهرة ، و لم تحرك غرائزه بائعة هوى ، كان يجد متعته فى الايقاع  بالملتزمة دينيا ، و يظل ورائها حتى تقع صيدا بين احضانه ، كان يعلم أن من تبيع جسدها مقابل المال لا يشعر معها بالمتعة ، و ما ساعده فى اختيار فرائسه و اصطيادهن أنه كان صاحب محل لبيع الأحذية النسائية ، فتعلم فن التعامل مع النساء و كذلك طرق اقناعهن و ايقاعهن ، ظل هكذا طوال حياته حتى بعد زواجه كان  كل ليلة مع واحده و ربما أكثر و ما أن يمل منها أو تظهر امامه أخرى يلقيها فى أقرب سلة مهملات ، لكن شاء القدر  ان يعلمه درسا .

جاءته احداهن يوماً وكأنها  الفضيلة  تمشى على الأرض ، سمعت عن كرمه و احسانه و أنه رغم ما يقال عنه إلا أنه لا يتأخر عن مساعدة من يحتاجه ، عرفته بنفسها، أرملة وتعول و فى احتياج لمساعدته فأخرج من جيبه مبلغا من المال و اعطاها اياه لكنها رفضت و اخبرته أنها لم تأت لطلب احسان لكنها تريد أن ان يجد لها فرصة عمل تستطيع من خلاله الانفاق على نفسها و أولادها ، لم يتأخر عنها و لبى لها طلبها و قام بتعينها معه فى محل بيع الاحذية الذى يملكه ، وكأنها تعلم عنه مالا يعلم عن نفسه تعلم انه لم يغدر يوما باحد تناول معه طعام لأنه يخشى خيانة العيش و الملح ففي اليوم الثاني جاءت ومعها طعام و اخبرته أنها هى من قامت بإعداده فى منزلها و عملا بقول لا يرد الكريم إلا لئيم ، لبى  طلبها و تناول معها الافطار ، اثبتت كفاءتها فى العمل و كانت مثال لتحمل المسؤولية و إلى جانب ذلك كانت كلما جاء موعد الصلاة تستأذن منه و تدخل إلى المخزن تؤدي صلاتها و بعد الانتهاء تعود إلى عملها و كانت دائمة السؤال له لماذا لا تصلى؟ الصلاة بوقتها  نور وبرهان وحجاب حاجز بيننا والمعاصى . تحدثه عن فضل العبادة و التقرب إلى الله ، كان يجد نفسه قزما أمامها ، بدأ يتعلق بها تعلق شديد و استهوته كأنثي لكن كلما هم بمراودتها تذكر أمرين أنها فى معية الله و طلبها بالمحافظة عليها لم يجد امامه إلا طريق واحد و هو الزواج منها رفضت  فى البداية و لكنها بآخر الأمر وافقت لكن بشروطها و كان أول شرط لها أن يترك حياة العربده و يتفرغ لها فقط و أنها لا تمانع فى استمرار حياته مع زوجته الأولى و أولاده وافق على شروطها  و تم الزواج ، لم يمض على زواجه منها بضعه أشهر حتى اكتشف أنها لا تختلف عنهن شيئا، وأن الطبع يستحيل تغييره، كان يشك فى كل حركة تتحركها ، أو قول يصدر منها ، يحاسبها على ابتسامة تظهر على وجهها اذا وجد مع الزبونه رجل مرافق، أيقن بفطرته أنها عاهرة مثلهن و أنها أكثرهن عهرا و لكن بالخفاء ، بدأ فى مراقبتها ، زج بكل زاوية فى المنزل والمحل بكاميرا خفيه لا يعلمها إلا هو، اكتشف أن زوجته على علاقة بأحد الأطباء المشهورين و أنها كل ليله بعد أن يخلد إلى النوم أو يبيت فى منزله الآخر كانت تواعد ذلك الطبيب فى منزله و على سريره ، سألها ذات مره ما الذي اتي بالطبيب إلى منزلى فى عدم وجودي اخبرته أن أحد اطفالها شعر بالمرض فاستدعت ذلك الطبيب تظاهر بتصديقها و اطمأن على الطفل و تركها و لم يسألها يوما عن ذلك الطبيب ، استمتع أكثر بتسجيل اللقاءات صوتا وصورة، فى بداية الأمر قرر قتلها لكنه للحظات تراجع و فكر جيداً لما يدنس يديه و يضيع مستقبل أولاده من أجل عاهرة فقام بتطليقها و لكنه أقسم أن يجعلها تري نفسها فى عين من باعت شرفها من اجله ،  ويستمتع بها كلما شاء تحت تهديد الأفلام المسجلة، ظل يراقب هذا  الطبيب و يرصد تحركاته و افعاله و ماضيه فوجده لم يفرق شيئا عنه و انه داعر و أن ضحاياه بالجملة فقرر أن يأتي به ذليل امامها و أن يدعها تري نفسها بعينه، وفعلا عند اقتراب الخطر منه  قام بالقائها فى أقرب سلة مهملات، الحب هو مجرد كذبة ، مجرد خدعه يلعبها القساة على ضعفاء القلوب.

استغل يوماً فرصة تواجدهما سويا و بكل برود اعصاب اقتحم خلوتهما و ما أن رآه الطبيب حتى خر راكعا امامه يتوسل له إلا يفضحه فمكانته الاجتماعية ستهتز و اولاده سيفضحون بسب بنزوة مع عاهرة طلب منه أن يعيد ما قال فكرره أكثر من مرة فضحك و طمأنه و أخبره أنه لا يريد منه شيئا و لكنه  أقسم أن يجعلها تقتل نفسها بنفسها عندما تري نفسها بعين  من باعت شرفها من أجله و تركهمل و نظر لها نظرة لو فهمتها المرأة الحرة لماتت فى لحظتها.

 

 

مساحة إعلانية