مساحة إعلانية
خديجة مسروق - كاتبة جزائرية
الحبّ المحرر رواية رومانسية كتبتها فرنسين ريفرز في العام 1991, و قام بترجمتها سعيد باز . تدور أحداثها في كاليفورنيا في خمسينيات القرن 19.تعالج موضوعات إنسانية كالحبّ والتسامح و مساعدة الآخرين . الرواية عبارة عن سيناريو اعتمدت فيها الروائية على تقنية السرد البطيء, والوقوف على التفاصيل الدقيقة للأحداث , حولت في 2022إلى فيلم سينمائي.تواجه بطلة الرواية أنجل تحديات كبيرة من أجل البقاء ,تأخذ زمنا طويلا لتؤمن بوجود الله وتتأكد بأن الرجوع إليه هو الخلاص الوحيد.هي قصة فتاة بيعت للبغاء و عمرها ثمان سنوات , اشتراها رجل سادي يعشق الفتيات الصغيرات .سارة الابنة غير الشرعية لـ الكسندر ستافورد أحد الارستقراطيين كان له أبناء شرعيين من زوجته التي يعيش معها في كاليفورنيا .اتخذ من أمها ميْ التي أحبته حبّا خالصا عشيقة له . اشترى لها بيتا ريفيا وكان يأتيها متى يشاء هو و ليست كما تشاء هي . وحين علم ستافورد بقدوم سارة أراد من عشيقته أن تتخلص منها قبل ولادتها ,لكن المشيئة الإلهية أرادت لها أن تعيش , غير أن ميلادها كان سببا في نهابة حبّهما ,فرجعت بعد أن طردها إلى أهلها الشرفاء وفي يدها ابنتها , فتبرأوا منها وطردتها الكنيسة لأنها لم تعد امرأة صالحة بارتكابها خطيئة الهروب مع عشيقها و انجاب طفلة غير شرعية . هامت مع ابنتها في أرصفة نيويورك ,حتى التقت بـ راب السّكّير حيث اقترح عليها الإقامة معه في كوخه , اشتغلت مومسا وكان يأخذ منها نصف ما تتحصل عليه من البغاء . كانت سارة تبلغ من العمر ثمان سنوات حين ماتت أمها , فباعها راب للماخور في بيير أداييس . كان صاحب الماخور الدوك يغتصب الفتيات الصغيرات و يستغلهن أسوأ استغلال . منذ أن ابتاع سارة ــ التي اصبح يطلق عليها اسم أنجل أو ملاك لأنها كانت آية في الجمال ــ وهو يمارس ساديته عليها .كان يتاجر بجسدها للذي يدفع مالا أكثر ,حتى أصبحت أشهر فتاة في الماخور .فكرت في الفرار لكن الدوك كان يحرسها بشدة .يحدث أن زارها رجل فلاح يدعى مايكل هوشع بعد أن دفع مقابل لقائها بعض الذهب .مايكل سئم من معاملة والده للعمال الذين كان يتخذهم عبيدا ,وإذا خرج أحد منهم عن طاعته يكون مصيره الهاوية, فقرر العيش بعيدا عن أهله . هو رجل صالح لم يسبق له أن زار ماخورا أو اختلى بامرأة .عرض على أنجل الزواج لكنها رفضت ,لأنها كانت ترى أنه لا يختلف عن غيره من الرجال الذين عرفتهم . كثير منهم كانوا يعرضون عليها الزواج وفي نهاية المطاف يكتفون بما ينشدونه من رغبة . مايكل هوشع الرجل المؤمن كان في كلّ مرة يأتي فيها للقاء أنجل يدفع ذهبا , حتى يقنعها بالفرار من الماخور و الزواج به .من أجل الحبّ فقط أراد أن يخلصها من ربقة العبودية وينزع عنها جميع الآثام .في النهاية رضيت أن تذهب معه إلى كوخه في الريف بعد أن وضع خاتم الزواج في اصبعها .أنجل لم تشعر بالحرية التي كانت تنشدها,ترى أنها تحررت من سجن الدوك لتقع أسيرة رجل آخر .الدوك الذي دمرها , و أبوها أهملها وأراد لها أن ترمى كالقمامة . بريق الحياة خمد في عينيها . كيف لها أن تصدق مايكل بأنه يحبها فعلا وهي لا تعترف بالحبّ أصلا ,لأنها لم تعرفه منذ مجيئها للحياة .لم تترك فرصة لمايكل ليثبت لها أن الحبّ موجود , و أن محبة الله هي الخلاص .ظلت على عنادها تمقت الكنسية وتكره القديسين .لم تنس أن الكنسية طردت أمها حين لجأت إليها , كما أن الأشخاص الذين كانوا يترددون على الكنسية هم أنفسهم كانوا يسخرون منها وهي طفلة حين كانت أمها تشتغل مومسا وكان القديس يرتاح لما يفعلون .لم ييأس مايكل من محاولة اقناع أنجل أو أماندا كما كان يناديها بأن العالم ليس رديئا , فالصالحون في كل مكان .لكن حقدا دفينا كان بداخل أنجل تجاه الرجال . لأن كل الرجال الذين اقتربوا منها عرفوا بالخداع و بالخيانة . يتزوجون كي يرتاحوا وينجبوا , لكنهم يسأمون ملازمة امرأة واحدة ,فيرغبون في التغيير.تتذكر جيدا ما حدث لأمها لما أحبت ستافورد لكنه طردها . لذلك كانت تهرب من مايكل لكنه يمضي في البحث عنها ليستردها و يسامحها .مايكل الرجل القديس أرسله القدر ليحبّ أنجل ويغسل بحبه آثامها فمحبة القديسين من محبة الإله .كان مؤمنا يرى الله في ذاته وفي الريح وفي الأرض و في الحيوان وفي كل شيء. بدأت أنجل تغير نظرتها تجاه الناس و العالم , حين أقامت معهم في كوخ مايكل عائلة آل ألطمان . أحبوها و أحبتهم .وجدت الحبّ عندهم عطاء , وقد كان السيد آل ألطمان ربّ أسرته حقا ,يحبّ زوجته و أولاده ويخلص في حبّه لهم .لكن أنجل لم تشأ أن يتعذب زوجها مايكل بحرمانه من نعمة الأبناء لأنها لا تستطيع أن تحقق له ذلك , و السبب أن الدوك أحضر ذات مرّة الطبيب وأخضعها لتناول دواء كي لا تنجب .و لأن مايكل قديسا لم تر منه إلا الحبّ و المعاملة اللطيفة قررت أن تتركه بعد أن اعترفت له بما فعله الدوك بها , وسافرت إلى سان فرانسيسكو لكن يحصل لها ما لم يكن في حسبانها ,حيث يعثر عليها الدوك و يعيدها إلى الماخور بالقوة. وهي التي أعلنت توبتها منذ أن خلصها مايكل من براثن العبودية وقرّرت بأن لا تبيع جسدها لأحد ,لكن الدوك استردّ ّأمَتَه الفاتنة ليبيع جسدها بالمزاد,غير أنه وجدها امرأة أخرى ,قوية مؤمنة ذات كبرياء.حين قدهما لزبائنه أخذت تتلو ترنيمات متتابعة تدعو الله عبرها أن يخلصها . فكان الخلاص على يد جوناثان اكسل وهو رجل صالح يملك أحد البنوك في سان فرانسيسكو حيث دخل الماخور حين سمع ترنيمات أنجل وفكّ أسرها هي وخادمتين كانتا تريدان التحرر من قبضة الدوك.أقامت أنجل ثلاث سنوات عند عائلة جوناثان اكسل ,وفتحت بالتعاون مع جوناثان دارا لتعليم الحرف و الصناعات , خصصتها للتكفل بالفتيات التائبات من البغاء .طال غياب أنجل عن مايكل الذي قرّر هذه المرّة أن لا يعيدها ,لأنه أراد لها أن تعود بإرادتها , فحبه لها لا يريده أن يكون سجنا يأسرها بل حبّا محررا .انعدام الثقة , كره الذّات , الكبرياء, الصراع, الخوف كلّ هذه الأمور جعلتها تهرب من مايكل .وحين اقتنعت أن الآثام تزول والخطايا تمحى عادت إلى الله وهي تردّد ما من محبّة تفوق محبّة مايكل إلا محبّة الإله.أزالت عنها ثيابها قطعة قطعة ,أرادت أن تعترف لمايكل بحبّها له ,كسرت عنها طبقات الكبرياء حتى تذلّلت بعريها لتعلن توبتها و كأنها ملاك طاهر مخلوقة في الفردوس .الحبّ المحرر رواية تهدف إلى إرشاد القارئ بأن محبة الله هي الخلاص ,و أن التسامح و التصالح مع الذات وسيلتان تقربان الإنسان إلى خالقه وتزرعان بداخله السكينة .