مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

المبدعون

الشاعر درويش الأسيوطي يكتب: نادي أدب أسيوط ...شهادة للتاريخ

2024-09-03 02:41:42 - 
الشاعر درويش الأسيوطي يكتب: نادي أدب أسيوط ...شهادة للتاريخ
الشاعر والباحث درويش الأسيوطي

حتى بداية عقد السبعينات من القرن العشرين، لم يكن بأسيوط حركة ثقافية محلية بالمعنى الحقيقي، لكن كان هناك نشاطات ثقافية، منها الأدبي والفني والصحفي وغير ذلك. لكن لم يكن يقيم بأسيوط من تحققت له سمات الأديب أو الفنان أوالصحفي، أو من اعترفت به بقع الضوء الإعلامية الرسمية، والتي كانت حتى ذلك الوقت: هي صحافة العاصمة والإذاعة المصرية. فكان هناك من الأدباء يونس القاضي، ومحمود حسن إسماعيل، وصلاح عبد الصبور ومحمود البدوي، وموسى صبري  وغيرهم، لكنهم كانوا يقيمون بالقاهرة. والحقيقة لم تكن أسيوط قاعا صفصفا .. بل كان بها ربما من هم أغزر ابداعا، وأجود انتاجا؛ لكن ظروفهم الحياتية لم تمكنهم من مغادرة قراهم بحثا عن شهرة العاصمة. بل كانت هناك صحف إقليمية شهيرة في أسيوط وأبو تيج تصدر بانتظام. 
 والذي لا شك فيه أن مجلة ( صوت الجماهير) التي أصدرها الاتحاد الاشتراكي، واستمرت طوال ما يزيد عن عقدين من الزمان تصدر بانتظام، كانت علامة فارقة في حياة الحركة الثقافية المحلية في أسيوط . فلأول مرة تسقط بقعة إعلامية صحفية مصنوعة بتقنية عالية حيث كانت تطبع في ( روزاليوسف)، بل وتقرأ في غير أسيوط على ملامح للحركة الثقافية. وكانت (صوت الجماهير) فرصة لاجتذاب الشباب من الشعراء والفنانين ومحبي كتابة القصة والرسامين وغيرهم حول أبوابها المتعددة، ومنها الأدب. وحول (صوت الجماهير) وقسمها الأدبي، تجمعت أول نواة لتجمع أدبي محلي في أسيوط. وتشكلت تلك النواة من : درويش الأسيوطي المتفرغ للعمل السياسي أمينا لشباب مركزي البداري وساحل سليم، وعضو لجنة التثقيف بمنظمة الشباب الاشتراكي والمشرف على الجانب الأدبي بصوت الجماهير ورئيس تحريرها هو الصحفي أحمد سليم. وقد انضم إليه مدرس مدرسة الزراعة الثانوية بأسيوط (الروائي والقاص وابن المنصور) عماد الدين عيسى، ولحق بهما من طلاب الجامعة ابناء أبوتيج: إسماعيل كيلاني، محمد النشار، فرغلي رمضان الخبيري، ومن أبناء القوصية نصر الدين عبد المحسن الخياط. والشاعر ابن قنا( نايل زكي). وكان هناك آخرون يترددون بصفة غير منتظمة، مثل مجدي محرم أبو جبل من منقباد، ونفادي عبد الرحيم من البداري .. وغيرهم ممن قد تخونني للأسف الذاكرة، فلا تحضرني أسماؤهم. وكان أبناء (أبوتيج) أكثر حضورا لسهولة انتقالهم ليلا ونهارا إلى أسيوط. وجذبت جلسات الأدباء بمقر الاتحاد ( مقر المجلة) مجموعة من أعضاء (لجنة الثقافة والدعوة والفكر) من يتعاطون الشعر على استحياء؛ وكان منهم  محمد إبراهيم منصور، وعبد الرحيم الجعفري، ومحمود عبد العال. والمؤكد أن هذا التجمع النواة أخذا شكلا مستقرا في بداية السبعينات، وصار أكثر حضورا وتأثيرا مع بداية عام 1972، حين صار له الشكل التنظيمي وصار جزءا من نشاط أمانة الدعوة والفكر بالاتحاد الإشتراكي بأسيوط تحت مسمى (نادي الأدب بأسيوط)، حتى أن بعض الأدباء وعلى رأسهم ( كاتب الطفل الرائد )عبد التواب يوسف وجمال الغيطاني، كانوا يترددون على (نادي الأدب بأسيوط) لحسم الخلاف حول تكوين (اتحاد كتاب مصر): هل يكون مستقلا .. أم يكون جزءا من التنظيم السياسي ( أمانة الثقافة  والدعوة والفكر المركزية ) بالاتحاد الاشتراكي. 
       ويأتي الإعلان الرسمي عن ( نادي الأدب بأسيوط) في عام 1973،  حين استطاع (عماد الدين عيسى) ترتيب لقاء مع مجموعة من أدباء المنصورة، منهم الروائي عبد العزيز الشناوي، والشاعر رضوان مجاهد  والشاعر على الفلال . وبالفعل أقام ( نادي الأدب بأسيوط ) أول لقاء أدبي إقليمي رسمي  بين محافظتين ( الدقهلية وأسيوط ). وقد تم الترتيب له بشكل منظم، ودعيت إليه قيادات ثقافية فاعلة في مراكزها، ومن الجهات المعنية بالثقافة: كالتربية والتعليم و الجامعة وقصر الثقافة، وأذكر أنه  حضر عن قصر الثقافة (صلاح شريت) الإخصائي الثقافي بالقصر. وأدار الجلسات إلى جانب درويش الأسيوطي عضو النادي محمد النشار (المخرج التلفزيوني الكبير فيما بعد ). واحتشد في قاعة الأنشطة حشدا غير مسبوق من محبي الثقافة والأدباء من كل مراكز أسيوط . وسعدت أن وجدت بين الصور التي أحتفظ بها صورا ظهر بها بعض من أشرت إليهم. وبعض من لم تسعفني الذاكرة بأسمائهم وجميعهم موضع احترامي وتقدير لدورهم الرائد في تأسيس ( نادي الأدب بأسيوط ).
 ومرت بمصر وبنا بعد حرب أكتوبر 1973- كما نعلم - الكثير من الأحداث التي أحدثت تحولات سياسية وثقافية في مصر كلها لا أسيوط فقط ، إضافة إلى بعض الأحداث التي أثرت على نشاط النادي، منها عدم وضوح الرؤية لدوره داخل الاتحاد الاشتراكي نفسه، وذهاب (عماد الدين عيسى) إإلى (الكويت) معارا كمدرس،  وأنهاء تفرغي السياسي بناء على طلبي عام1974، ودخولي الخدمة العسكرية ، وتخرج معظم الطلاب أعضاء النادي من الجامعة وعودتهم إلى قراهم ومحافظاتهم .  
 لكن فكرة (نادي الأدب بأسيوط) لم تمت ، فقد حملها إلى منبر آخر أحد المؤسسين لنادي ( ادب أسيوط ) وهو اسماعيل كيلاني، الذي عين إخصائيا ثقافيا بقصر ثقافة أسيوط ، ومن هنا يبدا الطور الآخر من نشأة نادي أدب أسيوط، والتي دشنها إسماعيل كيلاني ربما عام 1975، ثم لحق به سعد عبد الرحمن عام 1977، ثم لحقت بهما عام 1978. 
        وأزعم أن (نادي أدب أسبوط) كان أول أندية الأدب وجودا رسميا في مصر. وهو صاحب فكرة المؤتمر العام لأدباء مصر( في الأفاليم)، وكانت لائحة نادي الأدب بأسيوط هي النواة الأولى للائحة أندية الأدب في مصر (ما زلت أحتفظ بالنسخة الخطية لتلك اللائحة). 
       وقد لا تعرف الأجيال الحاضرة أن الجهد الحقيقي لاستمرار( نادي الأدب بأسيوط ) قام بالتحديد على أكتاف: اسماعيل كيلاني ودرويش الأسيوطي، وسعد عبد الرحمن . فقد استطاع إسماعيل كيلاني إضافة إلى الزملاء القدامى استقطاب مجموعات من هواة الأدب من كليات التربية مثل سعد عبد الرحمن ومصطفى رجب . ومعهم أصدقائهم  مثل الأدباء عادل سعد وطارق الناظر وعبد الحليم الجمال وعبد الرحمن محروس، ومن كلية الزراعة جاء (عزت الطيري ) ،ومن جامعة الأزهر( يحي محمود عبد القادر) ، ومن كلية الصيدلة جمال محمد على، صار النادي كأنما هو تجمع للجماعات الأدبية داخل الجامعة. وحينما بدأنا في التفكير في وضع شكل تنظيمي للنادي من لائحة ومجلس ادارة ومدير للجلسات - وكان الشاعر اسماعيل كيلاني قد انتقل مديرا لبيت ثقافة أبو تيج – رأيت  ألا اتمسك بالأسبقية بالتأسيس لرئاسة الجلسات والمجلس دعما لوحدة النادي. وافق الأدباء على أن يدير الجلسات استاذ من اساتذة الجامعة، لا يختلف عليه؛ هو شاعر كبير (الدكتور محمد أحمد العزب)،  ومن بعده جاء الدكتور أحمد سيد (الكبير). وهو استاذ مثقف لطيف المعشر، وكان وجود الاستاذين عاصم من تشظي النادي، فتحرك نادي أدب أسيوط. وعرفت الحياة الثقافية في أسيوط تلك الندوات المبهرة التي أقيمت في الجامعة، وفي القصر مشاركة بين الجامعة والقصر. ولم تتدخل أدارة القصر مباشرة في تنظيم نادي الأدب واكتفت بمشاركة موظفها(اسماعيل كيلاني) ثم الإخصائي الثفافي الجديد (سعدعبد الرحمن )، الذي انتقل من التربية والتعليم. في تلك الفترة انتدبتنا الجامعة ( سعد عبد الرحمن ودرويش الأسيوطي) لتحكيم مسابقات الكليات والجامعة الأدبية، وكانت الفرصة لاكتشاف واستقطاب المزيد من المواهب الأدبية. بل امتد نشاط النادي من خلال مجله ( اللقاء ) التي خططنا لها منذ عام 1979 ، ومن خلال المسابقات الدورية التي كان يقيمها القصر. 
 الحقيقة أن وجود سعد عبد الرحمن بالنادي وتبادله معي رئاسة النادي، وإصرارنا على تداول السلطة داخل النادي، بعدم توالي فترات الرياسة للعضو مهما كان، أتاح لي الفرصة للانطلاق في مجال آخر هو المسرح، ككاتب وشاعر، وممثل أيضا بل وكمخرج مسرحي، وكان نادي المسرح المنبثق عن نادي الأدب فرصة لزيادة جرعة الثقافة لدى أعضاء النادي، بل وبعض أعضاء الفرقة المسرحية أيضا.
 وإلى جانب سعد عبد الرحمن ودرويش الأسيوطي أسهم بعض الأعضاء في استمرار مسيرة النادي بشكله وقواعده التي أرساها وتمسك بها. ومنهم من تولى رياسة مجلس إدارة النادي فيما بعد مثل محمد سعد توفيق ، جمال عطا، ونعيم الأسيوطي، وفراج فتح الله، ومنهم من ظل مؤثرا لفترة طويلة. وعصام معتمد. وقد ارتبط تأثير أعضاء النادي بفترة تواجدهم بمدينة أسيوط . ومرت بالنادي أجيال وأجيال من الشباب المعطاء ، ولا أملك ولا يملك أحد حصرا بمن تردد على النادي وأسهم في نشاطه منهم ، لكني أجتهد أن أتذكر. فتحتفظ ذاكرتي بدور مؤثر للأسيوطيات : فوزية أبو النجا ، كريمة ثابت ، مديحة غزالي ، لمياء أبو الدهب عواطف عبد الرحيم، آمنة عبد الحميد وغيرهن من شابات الجامعة من غير بنات أسيوط كوفاء الحكيم وغيرها, ومن الشباب : محمد سعد توفيق، عبد النعيم على محمد ( نعيم الأسيوطي )، محمد إبراهيم المجريسي ، فراج فتح الله ، محمد يسين عبد الرحمن ، هشام أبو المكارم ، وبليغ أبو شنيف، الشيخ أحمد محمد إبراهيم ، وحسين علام ، وسامي نفادي، وعصمت نفادي والشيخ محمود حمودة وأحمد حمدي، و المبدع السوداني عبد العزيز بركة ساكن، وحمدي عابدين، و رضا عبد البصير، ومؤمن المحمدي،  ومحمود العنيبسي، وأحمد الجعفري وأحمد خالد،  وعماد عبد المحسن، والمهندس على عبد اللطيف، ومحمد على إبراهيم، وعصام المدمري ، ومحمد دنور علاوي، ومحمد حسن عبد الحافظ  وغيرهم ... 
     وكان وجود عناصر فاعلة أخرى من خارج طلاب الجامعة تفاوت دورهم وقدرهم، لكنهم جميعا هم من صنعوا اسم ( نادي أدب أسيوط ) بل وأسهموا في صناعة الحركة الثقافية التي امتدت إلى المراكز المختلفة انطلاقا من انتسابها إلى ( نادي الأدب بأسيوط ) تحتفظ ذاكرتي بأسماء: عبد الجواد المنفلوطي تامر المطيعي، جلال علما ، حلمي عزيز قلادة ، شحاته عزيز، صبحي إبراهيم لبيب، حسن رحومة، عبد العزيز عبد المجيد، شوقي أبو ناجي، عبد المجيد فرغلي، عاطف حكيم، جمال عبد الله ، و الشيخ سليمان العقر، و محمد مسعد ( أبنوب ) محمود ثابت ( أسيوط) وغيرهم.  
      أعلم أن الكثير من الأسماء التي نعتز بها قد تكون قد سقطت من ذاكرتي الواهنة، فأعتذر. لكنها شهادة بما أعلم وما أذكر. والله الشهيد على ما نقول. 

درويش الأسيوطي 
 أسيوط الجديدة – أول سبتمير 2024

مساحة إعلانية