مساحة إعلانية
..دافعنا عنه وقت الهجوم على مؤهله واتهامه بمحاولة خصخصة التعليم ولكن المنظومة التعليمية لا تدار هكذا.
..أين جلسات الحوار الوطني من قرارات الوزير الانفرادية ولو كانت هذه هي سياسات الدولة فلماذا تتغير بتغير الوزراء.
كنا من القلائل الذين دافعوا عن اختيار وزير التربية والتعليم محمد عبد اللطيف وقتما كشفت وسائل إعلام محلية ودولية أنه غير حاصل على الدكتوراه وربما على الليسانس وأن كل المؤهلات التى لديه هى كورسات ودروات تدريبية حصل عليها من كيانات في الخارج غير معترف بها ومنحته شهادات أون لاين دون أن يغادر غرفة نومه أو مكتبه في مجموعة المدارس المملوكة لعائلته، وبما أنه وزير قادم من القطاع الخاص تردد وقتها أيضاً أنه جاء لخصخصة التعليم والعودة إلى ما قبل مجانية التعليم التى ينسبها التيار الناصرى إلى ثورة يوليو ١٩٥٢، علما بأن صاحب الفضل فيها هو عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين وقتما كان وزيراً للتعليم قبل قيام الثورة المباركة بسنوات طويلة.
وعلى ذكر الدكتور طه حسين وغيره من عظماء مصر، ظهرت دعوات تحولت إلى قرارات بعودة الكتاتيب على اعتبار أن هؤلاء العظماء ومن بينهم صاحب البصيرة التنويرية من خريجى الكتاتيب، ولأن كاتبة هذه السطور خريجة كلية التربية كتبت وقتها أن وزارة التربية والتعليم لم يتولى حقيبتها وزير حاصل على شهادة في العلوم التربوية أو عمل مدرساً في مدارس مصر باستثناء الدكتور رضا حجازي أكثر وزير اتهموه بأنه لم يقدم شيئاً ولم يسعى مجرد سعى إلى تطوير أو إصلاح أخطاء سابقه الدكتور طارق شوقى مهندس الميكانيكيا، ولم بتخذ قرارات جريئة مثل الدكتور فتحي سرور وزير التعليم الذي هو استاذ للقانون الجنائي والدكتور حسين كامل بهاء الدين استاذ طب الأطفال.
اذكر إسم هذين الوزيرين تحديداً لأن اتخذ القرار الثورى بإلغاء الصف السادس الابتدائي وبعد سنوات عاد الصف السادس، أما الوزير الدكتور بهاء الدين فقد تجرء واقتحم عش الدبابير المسمى بالثانوية العامة ليبتكر نظام الثانوية العامة عامين و٤ امتحانات الذي عرف بنظام التحسين، والذي تضاعفت معه إيرادات الدروس الخصوصية من عام واحد إلى عامين وزاد معه القلق والتوتر في كل بيت ولكن قفزت المجاميع إلى ما فوق المئة في المئة بفعل التحسين والمستوى الرفيع وضاقت كليات الجامعات بطلبة متفوقين ولكن زاحمهم الاكثر تفوقاً، وفتحت الجامعات الخاصة أبوابها أو بالأدق اشهرت أسلحتها لصيد ضحايا الثانوية العامة وأصبح لدينا طبيب علق شهادته على حوائط شركات والده، وخريج إعلام لا يفرق بين الجملة الاسمية والجملة الفعلية، وكانت النتيجة إلغاء نظام الثانوية العامة إلغاء التحسين ثم إلغاء النظام أبو سنتين والعودة إلى نظام السنة الواحدة.
وبالحديث عن الوزراء أصحاب القرارات الثورجية والقادرون على التغيير المؤقت جاء الدكتور طارق شوقى الذي وصفته بأنه ميكانيكي فك المنظومة ولم يستطيع إعادة تركيبها، حيث أعلن عن نظام التابلت والامتحانات الاليكترونية أون لاين والتعلم عن بعد، دون أن يتم تجهيز البنية الأساسية لشبكة الإنترنت في الدولة ككل، بل ودون أن يتم تعديل المناهج الدراسية وتوفير وسائل تعليمية وتربوية تلائم هذا الأسلوب بل ودون تدريب المعلمين أنفسهم، والأدهى أن ذلك يتم في دولة لديها في الأساس عجز رهيب في المعلمين وعجز أبشع في عدد المدارس والفصول أدى إلى تكدس قاتل، ولأن القرار في مصر زى عود الكبريت يولع مرة واحدة ثم ينطفئ ويلقى أرضا لتدوسه الأقدام ذهب الدكتور طارق وذهبت معه قرارته، وجاءوا من بعده بالدكتور رضا حجازي ورغم كونه متخصص كما أشرنا في تطوير الوسائل التعليمية والمناهج الدراسية ولديه دكتوراه في ذلك وقبل أن يحصل عليها كان مدرساً في مدارس مصر الحكومية، ولكن ربما لأنه في الأصل مدرس مادة الكيمياء قرر أن يدخل المعادلة ويخرج منها كما هو بدون أى تغيير، وجاء من بعده وزير التحديات الذي أخذ على عاتقه مهمة الدفاع عن قرار الدولة بتعيينه بالرغم من أنه مالوش ذنب فيه، وبالرغم من أن قرار تعيينه مثل أى قرار أصدرته حكوماتنا المتعاقبة ثم تراجعت عنه، كان من السهل التراجع عنه دون تحميل الرجل فوق طاقته.
وفي هذا السياق بدأ عهده بقرار عودة التلاميذ إلى المدارس أو إجبارهم على ذلك وهو أمر يبدو إيجابيا على الصعيد النظرى ولكن على أرض الواقع لم يستطع القرار أن يقضي على الدروس الخصوصية بل تضاعف العبأ على الطالب وأصبح يخرج من بيته في الصباح الباكر ليعود في الليل منهكا غير قادر على أن يذاكر دروسه و( ومش قادر يفتح عينيه).
وبالرغم من تحذيرات التربويين وشكاوى أولياء الأمور من تعرض الأطفال لارهاق وصل لحالات اغماء، ولكن لم يتزحزح عبد اللطيف عن قراره والأغرب أنه لم يحاول تخفيف المناهج أو تبسيط العلوم ليستغنى الطالب عن الدروس الخصوصية ويكتفي بالمدرسة على الأقل في بعض المواد.
وعلى ذكر تخفيف المواد والمناهج سبق أن تفتق ذهن الوزير عن قرار شديد الغرابة يتعلق بإلغاء مواد بقيمة الفلسفة وعلم النفس والتاريخ، في دولة لديها عجز في المدرسين ونقص حاد في المثقفين وندرة في المنتمين لوطنهم والمتفهمين لتاريخهم، ثم جاء قرار عودة الكتاتيب بالتزامن مع قرار البكالوريا ليتندر المصريون كعادتهم منتظرين عودة الطربوش والملاية اللف، ولكن بقليل من الجدية نجد أن الوزير القادم بالفعل من عالم مدارس اللغات يعلم أن الحاصل على شهادة تعادل الثانوية العامة من مدارس علية القوم يستطيع أن يجد فرصة عمل جيدة، تماماً مثلما كانت الناس في الماضي تتوظف في الحكومة بالبكالوريا بل والابتدائية، ولكن يبقى السؤال الأهم هو أين سيعمل الحاصل على تلك البكالوريا في دولة لديها طوابير من خريجى الجامعات بل وحملة الماجستير والدكتوراه بدون عمل، والأكثر أهمية هو أين جلسات الحوار الوطني من هذه الأفكار المفتكسة وأين جلسات الحوار الوطني أساساً ولماذا تتوقف فجأة ثم تستأنف فجأة.