مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

المبدعون

إذا احترق البنفسج أو خَرَجنا شِعر الشاعر الكبير أشرف البولاقي

2024-02-11 10:25 PM - 
إذا احترق البنفسج أو خَرَجنا شِعر الشاعر الكبير أشرف البولاقي
الشاعر أشرف البولاقي
منبر

إلى هدى سعيد


(1)
يَخضَرّ حلمُ 
أو تموت سحابةٌ
يرتدّ حرفٌ 
أو أجيئكِ مبصِرًا
سيّانَ هذا مسرحٌ 
وأنا الممثّل يا حبيبةُ
كلّما انفتح الستارُ 
أنا ارتبَكتُ.
على المقاعدِ 
يَنظر المتفرّجون إلى أدائي
مَشهدي كان البطولة
أن أحبّكِ ثمّ أختصِر المسافةَ
بين حبّكِ وانتحارِ المُنتجينَ
أمام شبّاكِ التّذاكرِ إن فَشلَنا
كلّ دورٍ لا يصفّق فيه جمهوري
يقول المُخرِج انتبِهوا
ويَضحك في الكواليسِ المؤلّفُ
مثلهم كان الملقِّنُ
مستعدًا أن يموتَ 
لينتهي عرض المساءِ بلا ارتجالٍ
هذه ليست روايتَنا
ولا كان الأداءُ المسرحيُّ
كما اتّفقنا في البروفاتِ الأخيرةِ
وحدَه النّصّ البريءُ 
وكلّ أبطال الروايةِ
يا حبيبةُ مذنِبون! 
 
(2)
لماذا كلّما انفتح السّتارُ
رأيتُني الأعمى وأنتِ بعيدةٌ؟
حَسنًا .. سمِعتكِ جيدًا لمّا التقينا
- هذه تفّاحةٌ .. 
- شكرًا .. سأعرف لو مددتُ يدي
أنا أيضًا أحبّكِ
مسرحٌ هذا، وتلك بطولتي
وأنا أؤدّي مشهدينِ
وكيف لا وقد اشتهيتكِ 
مثلما أحببتِني؟
"أذُني لبعض الحيّ عاشقةٌ"
سأنصِتُ جيدًا 
وأشمّ رائحةَ الكمانِ 
إذا احترقنا
ربّما سأكون ممتنًا 
إذا احترقَ البنفسجُ
أو جَلسنا في الحديقةِ صامتيْنِ 
أنا أفكّر في المصيبةِ
يا إلهي كيف يمكِنُ
أن أؤدّي مشهدينِ؟
وأنت مبحِرةٌ وراء البرتقالِ
تحدّقينَ إلى الذي أنا لا أراه
هل الحياةُ بنا ستمضي هكذا؟
أم أنّها الرؤيا؟!
سأصبر ليلتينِ وساعةً
حتّى إذا احترق البنفسجُ بيننا
أغمضتُ جفنيّ انتظارًا 
للنّهايةِ
هل سيثمِرُ في الحديقةِ برتقالٌ
أم أرَى!
 
(3)
سيبصِرُ 
ذلك الأعمى قريبًا فاطمئنّي
بيننا جرحٌ صغيرٌ 
سوف يَشهقُ في نعاسٍ 
أو سيوغِلُ في البنفسجِ 
كلّما ارتكبتْ مشاعرُنا خطيئتَها
سيسَأل عن صهيلِ الأغنياتِ
وعن مسيحٍ فوق صُلبانٍ يغنّي
سوف يبصِرُ ذلك الأعمى قريبًا 
فاطمئنّي
بيننا عينانِ رائعتانِ 
قلبٌ أخضر الرؤيا
يراني عند منتصف البكاءِ 
ملوّحًا بأصابعي
ومغادرًا بجوار لعبتِه الصغيرةِ 
دمعتينِ
أنا غريبٌ... بيْدَ أنّي 
عاشقٌ أعمى 
سيبصِرُ عن قريبٍ
فاطمئنّي

 (4)
أنا وابنِي
سيحمِلُنا القطارُ إلى المحطةِ
لا تسلَني ما اسمُها هذي المحطةُ
ربّما ليس القطار هو القطارُ
ولا المحطةُ مثلما اعتدنا عليها
ربّما ستكون شيئًا غامضًا
لكنّني أنا لا أظنّ بأنّنا
سنكون نحن الغامضيْنِ
ونحن نطمح أن يقول الناسُ
هذا ابنٌ ووالِده قد التقيا أخيرًا
هل سنجلس حين ننزل
مِن محطتنا على مقهىً؟
رأيتُ كأنّني يومًا
دعوت ابني إلى كوبٍ من الليمونِ
أذكر أنّنا كنّا على مقهىً بعيدٍ
في بلاد لا ترى الليمونَ رِجسًا
نحن مضطرانِ أن نرضى هنًا بالشايِّ
يا أبَتِ احتضِنّي.. 
يقول مبتسمًا فأضحكُ 
ثمّ أبكي:
هل أنا حقًا أبوه؟!


(5)
أنا وابنِي سنخرج عارييْنِ
كأنّنا نحن الحقيقةُ
والحقيقةُ نفسها يومًا ستضحَكُ
حين ننظر عورتَيْنا
يستحي فيقول أمّي
أشتهِي فأشير لامرأةٍ 
تبُصّ عليّ من شرفات شهوتِها 
وتهتف: أنت مجنونٌ!
أنا؟ 
فرِحٌ بإصبعِه الصّغير 
ينام بين أصابعي
بيتيمةٍ ستمرّ بعد هنيهةٍ
وتبيعني أوجاعَها
ستقول لي "وحياةِ طفلِكَ سيدي"
بمجنّدٍ أو ضابطيْنِ على الكمينِ
سيوقفانِ مسيرتي:
مَن أنت؟ مَن هذا؟
أنا شيءٌ  من الذكرى 
وهذا ابني.. سَلوه يقُل لكم
إنّي أنا لا شيء!

(6)
لا تُرهقِي النفسَ بين الفكر والنّظرِ
فكلّ آتٍ قريبٌ عند منتظِرِ
كم انتظرتِ طويلا يا معذّبتي
نهايتي دونما مأوىً ولا وَزرِ
وها هي اقتربت في يأس قافيتي
وبؤسِ عيشٍ ضنينٍ جادَ بالقَذرِ
لا تَعجلي بالغناءِ الآنَ من طرَبٍ
غدًا يكون إذا ما مِتّ فانتظري
حتّى إذا جاءت البشري تقول قَضَى
بكلّ أبيضَ أو ما اخضوضرَ اتّزري
بيني وبينكِ قلبُ ليس يَعذرُني
إنْ كان ثمّةَ أعذارٌ لمعتذِرِ
بيني وبينكِ ثاراتٌ لها نُذرٌ
صدّقتِ أنتِ وقد كذّبتُ بالنّذُرِ
غدًا إذا مِتّ هاتي طفلَنا وقِفي
دقيقتينِ على قبري بلا حَذرِ
قولي له زُرهُ ميتًا يا بني هنا
حيّا سَلاكَ ومذ فارقتَ لم يَزُرِ
هذا أبوكَ ... وقُصِّي أنتِ مبدعةٌ
خُذي بثاركِ .. لا تُبقي ولا تَذري!

مساحة إعلانية