مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

الرأي الحر

أحمد عبده طرابيك يكتب:دور أذربيجان في الانتصار على الفاشية والنازية

2025-05-07 22:57:15 - 
أحمد عبده طرابيك يكتب:دور أذربيجان في الانتصار على الفاشية والنازية
أحمد عبده طرابيك

شاركت أذربيجان في الحرب العالمية الثانية، حيث كان لها دور بارز في سير الحرب وذلك بفضل مواردها الطبيعية الغنية وموقعها الجغرافي الذي جعل لها مكانة مهمة في الخطط الاستراتيجية. فقد قررت ألمانيا نقل نفط العاصمة باكو إلى الشرق مرورا بالخليج العربي والمحيط الهندي، حيث أعدت خريطة للأهمية الصناعية والعسكرية لباكو على أساس ما كان يرغب فيه الزعيم النازي هتلر، وقد أظهرت خطة "إديلويس" للهجوم على القوقاز التوقيت الدقيق لاحتلال مدينة باكو. 
      أرسلت ألمانيا النازية بقيادة هتلر الفرقة رقم 190، في 22 يونيو 1941، والتي كانت مجهزة بعتاد حربي وبالعديد من المعدات العسكرية والطائرات وكانت تهدف إلى الهجوم على الاتحاد السوفيتي وبشكل خاص تدمير وخلع الجيش الأحمر من الحدود الغربية. وخلال الهجوم قرر ممثلو جمهوريات الاتحاد السوفيتي للدفاع عن الوطن، حيث رفعوا شعارات قومية أبرزها "كل شيء للجبهة"، "كل شيء من أجل النصر!" وحاولوا دعوة الجميع إلى التعبئة والاستعداد ونتيجة لذلك فقد تم تعبئة 600 ألف شخص من جبهة أذربيجان. 
      لقد تسببت الحرب الوطنية العظمى بين الاتحاد السوفيتي وألمانيا النازية في تدمير تدمير المدن والقرى والبلدات والجسور مما أدى إلى وقوع خسائر كبيرة في الأرواح. وعندما بدأت ألمانيا النازية حربًا ضد الاتحاد السوفييتي ونظرًا لأن القوقاز كان جسرًا إلى الشمال فقد كان الهدف في المقام الأول الاستيلاء على القوقاز ومن ثم الاستيلاء على نفط باكو وجروزني؛ ولذلك فقد فكر النازيون في ضرب السوفيت من خلال السيطرة على القوقاز. وعلى المدى القصير تم نقل مجموعة من سكان أذربيجان إلى كل من كازاخستان وسيبيريا وذلك بعد التأكد من وصول النازيين إلى الشيشان وجمهورية قرادينو ذاتية الحكم ومنطقة قاراشاي- شركيسا وبعض المناطق الأخرى. وقد زاد عدد المتطوعين الذين ذهبوا للحرب فقررت موسكو نقل السكان الأذربيجانيين إلى آسيا الوسطى من أجل الحفاظ على حياتهم واستعمالهم عند الضرورة. 
      تم إنشاء الفرقة الأذربيجانية رقم 416 في 22 فبراير 1942، والتي تخصصت في الاشتباكات النارية. حيث جاء مير جعفر باجيروف إلى شمال القوقاز والتقى بجنود الفرقة الوطنية الأذربيجانية رقم 316 التي كانت تُحارب هي الأخرى على مستوى جبهة الحرب؛ وقد عانت هذه الفرقة كثيرا حيث قُتل الكثير من أفرادها بسبب سوء التدريب وبسبب عدة القيادة. وفي ظل هذه الظروف تم استبدال القادة الروس بضباط أذربيجانيين وزاد عدد الجنود والضباط الأذربيجانيين. وفي فبراير 1942 تم إنشاء أقسام منفصلة من الفرقة 416 وذلك لضمان الاشتباكات في مناطق مختلفة. حيث تم تعبئة قسم للاشتباك مع النازيين في شمكير وقسم آخر حمل الرقم 223 لضمان مقاطعة جوبا. وفي وقت لاحق؛ تم إدراج الفرقة في الجيش 44 وأرسل إلى شمال القوقاز في منطقة خاسافيورد. وخلال الحرب تم إرسال حوالي 600 ألف مقاتل من أذربيجان إلى الجبهة، منهم 40 ألف متطوع. كما كان يوجد فرق أذربيجانية متعددة على مستوى جبهات الحرب، أبرزها الفرقة 77، 223، 271، 402 ثم 416 المكونة من الشعب الأذربيجاني. 
     بعد نهاية الحرب حصل 121 محارب أذربيجاني على وسام بطل الاتحاد السوفيتي، ثم حصل 34 آخرون على الدرجات الثلاث لوسام "المجد". كما تم تكريم بعض المحاربين والمقاتلين منهم "هازى أصلانوف حسينبالا علييف، إسرافيل محمدوف، غفور محمدوف، بالوغلان عباسوف" وآخرين؛ حيث مُنح 20 شخصًا بمن فيهم ضياء بونيادوف وسام البطل الفخري للاتحاد السوفيتي لشجاعتهم في تحرير كل من بولندا وتشيكوسلوفاكيا من النازيين. 
      شارك شعب أذربيجان بنشاط في حركة الثوار والمقاومة ضد الفاشية، حيث قاتلوا في كل من "فرنسا، القرم، أوكرانيا، بيلاروسيا، شمال القوقاز، دول البلطيق، بولندا، تشيكوسلوفاكيا، المجر، يوغسلافيا وإيطاليا". فقد شارك أكثر من ثلاثة آلاف أذربيجاني في دول أوروبا الغربية ولا سيما في حركة المقاومة الفرنسية التي ضمت وشملت أحمد جبريلوف المعروف باسم "ميشيل ميشيل". وخلال الفترة ما بين عام 1941 وعام 1945 قُتل أو فُقد أكثر من 300 ألف من أصل 600 ألف أذربيجاني أُرسلوا إلى الخطوط الأمامية. 
     خلال سنوات الحرب تم تكييف كل اقتصاد أذربيجان مع متطلبات الحرب، فقامت جميع قطاعات الصناعة بالتخلي عما كانت تقوم بصناعته وتوجهت لصنع الأسلحة والعتاد العسكري، فقد قدمت العاصمة باكو ما بين 70 إلى 75% من النفط للاتحاد السوفيتي وما بين 85 إلى 90% من البنزين. فخلال الفترة من عام 1941 إلى عام 1945 تم إرسال 75 مليون طن من النفط، 22 مليون طن من البنزين من باكو إلى جبهات الحرب، وتم تصنيع أكثر من 130 نوعًا من السلاح في باكو، بما في ذلك مدفع الكاتيوشا ومدفع رشاش سباجين والطائرة المقاتلة ياك- 3. كما قدمت أذربيجان حوالي 500 ألف طن من القطن وغيرها من المواد الخام. وخلال الفترة من عام 1941 إلى عام 1943 حصل صندوق الدفاع على 15 كيلو جرامًا من الذهب، 952 كيلو جرامًا من الفضة، 311 مليون مناط، 1.6 مليون قطعة من مختلف المواد بالإضافة إلى 125 عربة. 
     استخدم علماء أذربيجان أيضًا معارفهم ومهاراتهم للتغلب على الفاشية والنازية، حيث أنتج علماء الكيمياء بما في ذلك الأكاديمي يوسف مامدالييف 38 نوعًا من زيوت التشحيم، 9 أنواع من البنزين، 8 أنواع من وقود الديزل أثناء الحرب. ومن بين 3.4 مليون نسمة، بحسب إحصاء عام 1941، تم إرسال 681 ألف إلى جبهة الحرب، منهم أكثر من 10 آلاف امرأة. وقد قُتل حوالي 250 ألف جندي أذربيجاني. وفقًا لبعض التقارير، وتم أسر نحو 50 ألف أذربيجاني خلال الحرب، ولم يتمكن معظم الأسرى من العودة إلى ديارهم في وقت لاحق. وتبين كل هذه الأرقام حجم التضحيات التي قدمتها أذربيجان في محاربة الفاشية والنازية التي كانت تهدد العالم.  

مساحة إعلانية