مساحة إعلانية
عجباً لأمر هؤلاء العرب عجبا ، عجباً لأمر هؤلاء الذين فتحوا بطونهم لأشهي الأطعمة علي جميع قنوات إعلامهم حتي خاضت نساءهم حربا ضروساً في الفوز بسبق الصدارة في كيفية إعداد الأطعمة وفواتح الشهية ! وكأن أنفسهم سدت من نوبات قلقهم وخوفهم مما يحدث لإخوانهم علي أرض فلسطين ، فتح رجال الأعمال ممن مكنهم الله في الأرض وبسط لهم في الرزق حتي عاثوا في القنوات الفضائية التي يمتلكونها إعلاناً عن كل مأكل ومشرب عن كل منتج يأخذ بلباب العقول وصوصوات البطون ، وكأن الناس أصبح جل حل مشاكل حياتهم فيما تقدمه قنواتهم من مشاهي الأطعمة ،وفي غفلة هذا وذاك تتساقط أوراق التوت الأحمر علي عتبات القضية الفلسطينية بدون ريب ، لتعلن عن انفجار القنابل العنقودية في قلوب أبناء غزة فتتلون الأرض بلون التوت الأحمر لأنها رويت بدماء الشهداء منهم ،تتناثر أجسادهم في كل حدب وصوب ، تخرج أنفاسهم المعدودة تدوي بزئير أصواتهم بعد صراع القتل والموت والشهادة ،كل هذا والأمر العجب أننا لا نلقي بألا بهؤلاء الذين تختنق أنفاسهم وتقطع أجسادهم ويقذفون من كل جانب ذات اليمين وذات الشمال ،لينفوا من الأرض ، ومازال مسلسل الأطعمة البراقة علي قنوات بمن يسمون “ بعرب فود “ يمد يده لكل ماعز وضأن ليسد جوع كل من بال علي قميصه فنام مشتراً لكل ما سفح من طعام ، وأصوات تتعالي يوماً بعد يوم لإغاثة الملهوفين من أبناء غزة الذين تعتصر بطونهم وتتلوي أجسادهم من شدة الجوع والعطش ، ونحن ننعم بما تعلنه القنوات الفضائية بجنون مطابخها وحلو أطعمتها ، ولو أن فائض ما يصنع في تلك المطابخ الفضائية وزع علي أهل غزة لكفوهم مرارة العيش ، ألم يأن لهؤلاء المترفين أن يستشعروا بألم الفقراء الذين يأكلون من خشاش الأرض وبقاياها ، ألم يأن لهؤلاء المترفين أن تشتعل نوبة أحاسيسهم ليعرفوا أن هناك الملايين من الناس من يختنقون فقراً وجوعاً ،وصبرا ، ألم يأن لهؤلاء أن ترق قلوبهم ليبذلوا أقصي ما في وسعهم للبحث عن هؤلاء الفقراء في الأذفة والحواري والكفور والنجوع والقري ، ألم يأن لهؤلاء أن يعملوا بقول المولي عز وجل في كتابه الكريم: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [المعارج : 25] نعم حق معلوم ومشروع ، لكننا عزفنا عن كل ما هو مشروع واستبقنا الباب لفعل كل ما هو ممنوع .
hyasser10@yahoo.com